القسم الأول
في الكناية المطلوب بها نفس الموصوف
الكناية في هذا القسم تقرب تارة وتبعد أخرى ، فالقريبة هي أن يتفق في صفة من الصفات اختصاص بموصوف معين عارض ، فتذكرها متوصلا بها إلى ذلك الموصوف ، مثل أن تقول : خ خ جاء المضياف ، وتريد زيدا ، لعارض اختصاص للمضياف بزيد.
والبعيدة ، هي : أن تتكلف اختصاصها ، بأن تضم إلى لازم آخر وآخر ، فتلفق مجموعا وصفيا مانعا عن دخول كل ما عدا مقصودك فيه ، مثل أن تقول في الكناية عن الإنسان : خ خ حي ، مستوي القامة ، عريض الأظفار.
القسم الثاني
في الكناية المطلوب بها نفس الصفة
إن الكناية في هذا القسم أيضا تقرب تارة ، وتبعد أخرى ، فالقريبة هي أن تنتقل إلى مطلوبك من أقرب لوازمه إليه ، مثل أن تقول : خ خ فلان طويل نجاده ، أو خ خ طويل النجاد ، متوصلا به إلى طول قامته ؛ أو مثل أن تقول : خ خ فلان كثير أضيافه ، أو خ خ كثير الأضياف ، متوصلا به إلى أنه مضياف.
واعلم أن بين قولنا : خ خ طويل نجاده ، وقولنا : خ خ طويل النجاد ، فرقا ، وهو : أن الأول كناية ساذجة ، والثاني كناية مشتملة على تصريح. فتأمل ، واستعن في درك ما قلت ، بالبحث عن تذكير الوصف في نحو : خ خ فلانة حسن وجهها ، وعن تأنيث : خ خ فلانة حسنة الوجه ، وباستحضار ما تقدم لي في : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(١) في باب التشبيه ؛ وإن هذا النوع القريب ، تارة يكون واضحا ، كما في المثالين المذكورين ، وتارة خفيا ، كما في قولهم : خ خ عريض القفا ، كناية عن الأبله ، وفي قولهم : خ خ عريض الوسادة ، كناية عن هذه الكناية.
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨٧.