موصوف غير مذكور ، كما تقول في عرض من يؤذي المؤمنين : خ خ المؤمن هو الذي يصلي ويزكي ولا يؤذي أخاه المسلم ، وتتوصل بذلك إلى نفي الإيمان عن المؤذي ، وكقوله علت كلمته في عرض المنافقين : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)(١) إذا فسر الغيب : بالغيبة بمعنى : يؤمنون مع الغيبة عن حضرة النبي صلىاللهعليهوسلم أو عن جماعة المسلمين ، على معنى : هدى للذين يؤمنون عن إخلاص لا للذين يؤمنون عن نفاق.
أنواع الكناية :
وإذ قد وعيت ما أملي عليك فنقول : متى كانت الكناية عرضية ، على ما عرفت ، كان إطلاق اسم التعريض عليها مناسبا ، وإذا لم تكن كذلك نظر ؛ فإن كانت ذات مسافة بينها وبين المكنى عنه متباعدة ، لتوسط لوازم ، كما في : خ خ كثير الرماد ، وأشباهه ، كان إطلاق اسم التلويح عليها مناسبا ؛ لأن التلويح هو : أن تشير إلى غيرك عن بعد ، وإن كانت ذات مسافة قريبة ، مع نوع من الخفاء ، كنحو : خ خ عريض القفا ، وخ خ عريض الوسادة ، كان إطلاق اسم الرمز عليها مناسبا ، لأن الرمز هو : أن تشير إلى قريب منك على سبيل الخفية.
قال (٢) :
رمزت إلىّ مخافة من بعلها ... |
|
من غير أن تبدي هناك كلامها |
وإن كانت لا مع نوع الخفاء ، كقول أبي تمام (٣) :
أبين فما يزرن سوى كريم ... |
|
وحسبك أن يزرن أبا سعيد |
فإنه في إفادة : أن أبا سعيد كريم ، غير خاف ، كان إطلاق اسم الإيماء والإشارة
__________________
(١) سورة البقرة الآيتان ٢ ـ ٣.
(٢) البيت لابن هانئ أورده الخطيب القزوينى في الإيضاح ص ٤٦٦.
(٣) أورده عبد القاهر الجرجاني في دلائل الاعجاز ص ٣١٣ وعزاه لأبي تمام ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١٥٥ ، والقزوينى في الإيضاح ص ٤٦٧ ، والعلوى في الطراز (١ / ٤٢٤).