في إفادة جود ابن يحيى ومجده فعلى ما ترى من الظهور.
واعلم أن التعريض تارة يكون على سبيل الكناية ، وأخرى على سبيل المجاز ، فإذا قلت : خ خ آذيتنى ، فستعرف ، وأردت المخاطب ، ومع المخاطب إنسانا آخر معتمدا على قرائن الأحوال ، كان من القبيل الأول ؛ وإن لم ترد إلّا غير المخاطب كان من القبيل الثاني. فتأمل. وعلى هذا فقس وفرع إن شئت ، فقد نبهتك.
بين الحقيقة والمجاز :
واعلم أن أرباب البلاغة ، وأصحاب الصياغة للمعاني ، مطبقون على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ، وأن الاستعارة أقوى من التصريح بالتشبيه ، وأن الكناية أوقع من الإفصاح بالذكر.
والسبب في أن المجاز أبلغ من الحقيقة هو ما عرفت أن مبنى المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم ، فأنت في قولك : خ خ رعينا الغيث ، ذاكرا الملزوم : النبت ، مريدا به لازمه ، بمنزلة مدعي الشيء ببينة ، فإن وجود الملزوم شاهد لوجود اللازم ، لامتناع انفكاك الملزوم عن اللازم ، لأداء انفكاكه عنه ، إلى كون الشيء ملزوما ، غير ملزوم باعتبار واحد ؛ وفي قولك : خ خ رعينا النبت ، مدع للشيء لا ببينة ، وكم بين ادعاء الشيء ببينة ، وبين ادعائه لا بها.
والسبب في أن الاستعارة أقوى من التصريح بالتشبيه أمران :
أحدهما : أن في التصريح بالتشبيه اعترافا بكون المشبه به أكمل من المشبه في وجه التشبيه ، على ما قررت في باب التشبيه.
والثاني : أن في ترك التصريح بالتشبيه إلى الاستعارة ، التي هي مجاز مخصوص الفائدة التي سمعت في المجاز آنفا من دعوى الشيء ببينة.
والسبب في أن الكناية عن الشيء أوقع من الإفصاح بذكره ، نظير ما تقدم في المجاز ، بل عينه ، يبين ذلك أن مبنى الكناية ، كما عرفت ، على الانتقال من اللازم إلى ملزوم معين ، ومعلوم عندك أن الانتقال من اللازم إلى ملزوم معين يعتمد مساواته إياه ، لكنهما عند التساوي يكونان متلازمين فيصير الانتقال من اللازم إلى الملزوم ، إذ ذاك ،