في مآخذ مردودة ، وحملوها على محامل غير مقصودة ، وهم لا يدرون ، ولا يدرون أنهم لا يدرون ، فتلك الآى من مآخذهم في عويل ، ومن محاملهم على ويل طويل ، (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)(١) ، ثم مع ما لهذا العلم من الشرف الظاهر ، والفضل الباهر ، لا ترى علما لقي من الضيم ما لقي ، ولا مني من سوم الخسف بما مني ، أين الذي مهد له قواعد ، ورتّب له شواهد ، وبيّن له حدودا يرجع إليها ، وعيّن له رسوما يعرج عليها ، ووضع له أصولا وقوانين ، وجمع له حججا وبراهين ، وشمر لضبط متفرقاته ذيله ، واستنهض في استخلاصها من الأيدي رجله وخيله ، علم تراه : أيادي سبأ ، فجزء حوته الدبور ، وجزء حوته الصبا.
انظر باب التحديد فإنه جزء منه في أيدي من هو؟ انظر باب الاستدلال فإنه جزء منه في أيدي من هو؟ بل تصفح معظم أبواب أصول الفقه ، من أي علم هي؟ ومن يتولاها؟.
وتأمل في مودعات من مباني الإيمان ، ما ترى من تمناها سوى الذي تمناها وعد وعد ، ولكن الله جلت حكمته ، إذ وفق لتحريك القلم فيه ، عسى أن يعطي القوس باريها بحول منه ، عز سلطانه ، وقوة ، فما الحول والقوة إلا به.
علم البديع
وإذ قد تقرر ، أن البلاغة بمرجعيها وأن الفصاحة بنوعيها ، مما يكسو الكلام حلة التزيين ، ويرقيه أعلى درجات التحسين ، فههنا وجوه مخصوصة ، كثيرا ما يصار إليها ، لقصد تحسين الكلام ، فلا علينا أن نشير إلى الأعرف منها ، وهي قسمان : قسم يرجع إلى المعنى ، وقسم يرجع إلى اللفظ.
__________________
(١) اقتباس من سورة الكهف : ١٠٤.