[القسم](١) الثاني
علم الاستدلال
من تكملة علم المعاني في الاستدلال ؛ وهو اكتساب إثبات الخبر للمبتدأ ، أو نفيه عنه ، بوساطة تركيب جمل ، وقولي : بوساطة تركيب جمل ، تنبيه على ما عليه أصحاب هذا النوع من إباء أن يسموا الجملة الواحدة حجة واستدلالا ، مع اكتساب إثبات ونفي بوساطتها ، مما يلزم من اندراج حكم البعض في حكم الكل ، كاستلزام : كل إنسان حيوان بعض الأناسي حيوان لا محالة. ومن الانعكاس على بعض الخبر في الثبوت كاستلزام كل إنسان حيوان أن بعض الحيوان إنسان ، وعلى كله في النفي العنادي كاستلزام لا إنسان بحجر ، أن لا حجر بإنسان ، وغير العنادية أيضا عندنا وسنقرره مثل : لا إنسان بضحاك بالفعل ، ومن نفي النقيض : كاستلزام كل إنسان حيوان أن ما ليس بحيوان ليس بإنسان : وستسمع لهذه المعاني تفاصيل بإذن الله. وإذ قد نبهناك على ذلك فنقول :
اعلم أن الخبر متى لم يكن معلوم الثبوت للمبتدأ بالبديهة ، كما في نحو : الإنسان حيوان ، أو معلوم الانتفاء عنه بالبديهة ، كما في نحو : خ خ الإنسان ليس بفرس ، بل كان بين بين ، نحو قولنا : خ خ العالم حادث ، فإن الحدوث ليس بديهي الثبوت للعالم ، ولا بديهي الانتفاء عنه.
وإذا أردنا العلم أو الظن ، لزم المصير إلى ثالث يشهد لذلك ، لكن من المعلوم أن ذلك الثالث ، ما لم يكن ذا خبر عن الطرفين ، أعني ذا نسبة إليهما ، لم يصح أن يشهد في البين نفيا أو إثباتا ، وإذا شهد لم يفد العلم أو الظن ما لم تكن شهادته واجبة القبول أو راجحته ، فيظهر من هذا أن : لا بد في الاستدلال للمطلوب من جملتين لا أنقص ، إحداهما : لنسبة الثالث إلى المبتدأ ، مثل قولنا : خ خ العالم قرين حادث. والثانية : لنسبته إلى الخبر ، مثل قولنا : وخ خ كل قرين حادث حادث.
__________________
(١) في (د) الفصل.