الباب الأول
في الاستدلال الذي جملتاه خبريتان
وإنما قدمت الخبرية على الشرطية ، لما سبق في علم المعاني ، أن الجملة الشرطية جملة خبرية مخصوصة ، والمخصوص متأخر عن المطلق.
اعلم أن تركيب الجملتين في الاستدلال ، لرجوع أجزائها إلى ثلاثة من بينها يتكرر واحد ، وهي : مبتدأ المطلوب ، وخبر المطلوب ، والثالث المتكرر ؛ لا يزيد على أربع صور في الوضع :
إحداها : أن يتكرر الثالث خبر المبتدأ المطلوب ، ومبتدأ لخبره.
وثانيتها : أن يتكرر خبرا لجزئي المطلوب.
وثالثتها : أن يتكرر مبتدأ لهما.
ورابعتها : أن يتكرر مبتدأ المبتدأ المطلوب ، وخبرا لخبره. وتسمى الجملة التي فيها مبتدأ المطلوب : السابقة ، تسمية لها بحكم المبتدأ ، أو بحكم ورودها سابقة على صاحبتها في وضع الدليل في الغالب ، كما سترى والتي فيها خبر المطلوب : اللاحقة ، تسمية لها بحكم الخبر ، وبحكم ورودها لاحقة للأولى في وضع الدليل.
والجمل المستعملة في الاستدلال لا تخرج عن أقسام أربعة : إما أن تكون مثبتة ، أو لا تكون ، وهي : المنفية ؛ وكل واحدة منهما : إما أن تكون كلية ، كقولنا في الإثبات : خ خ كل اسم كلمة ، وفي النفي : خ خ لا فعل بحرف ، أو خ خ لا تكون ، وهي البعضية ، كقولنا في الإثبات : خ خ بعض الكلم اسم ، وفي النفي : خ خ لا كل كلمة اسم ، أو خ خ بعض الكلم ليس باسم ، وتسمى هذه الجمل مستعملات ، لاستعمالها في الاستدلال ، وبناء الدلائل عليها.
وأما البعضية المتناولة للمعين كقولنا : خ خ هذا الإنسان شجاع ، أو خ خ زيد شجاع ، أو خ خ غلام عمرو شجاع ، ولنسمها : خ خ معينة ، فقلما يصار إليها في الدلائل ، فلا ندخلها في المستعملات. ولكنا لا نحظر عليك المصير إليها إن انتفعت بها.