الفصل الأول
في الكلام في الحكمين النقيضين
الحكمان النقيضيان هما اللذان لا يصح اجتماعهما معا ، ولا ارتفاعهما معا ، بخلاف المتضادين. فالمتضادان : لا يصح اجتماعهما ولكن يصح ارتفاعها ، ولذلك ترى الأصحاب يحدون التناقض بين الجملتين بأنه اختلافهما ، بالنفي والإثبات ، اختلافا يلزم منه لذاته كون : إحداهما صادقة ، والأخرى كاذبة مثل : خ خ هذا حيوان ، خ خ هذا ليس بحيوان ؛ وقولهم : خ خ لذاته ، احتراز عن مثل : خ خ هذا إنسان ، خ خ هذا ليس بناطق ، لكونه غير مسمى فيما بينهم بالتناقض لعذر لهم ، وعسى أن يعثر عليه.
شروط التناقض :
ونذكر للتناقض شروطا ، وهي عندي أكثر مما تذكر ، وإلا فأقل. ومساق كلامي هذا يطلعك على معنى ذلك.
أحدها : أن لا تختلف الجملتان في المبتدأ حقيقة اختلافهما في نحو : خ خ العين تبصر أي الجارحة المخصوصة. العين لا تبصر ، أي عين الماء.
وثانيها : أن لا تختلفا فيه [جزءا](١) أو جملة ، اختلافهما في نحو : خ خ عين زيد سوداء ، أي حدقتها ، خ خ عين زيد ليست بسوداء ، أي جملتها.
وثالثها : أن لا تختلفا فيه شرطا ، اختلافهما في نحو : خ خ الأسود جامع للبصر ، أي ما دام أسود ، الأسود ليس بجامع للبصر ، أي زال كونه أسود ، لأن قولنا : خ خ الأسود جامع للبصر ، معناه الشيء الذي له السواد.
ورابعها : أن لا تختلفا فيه إضافة ، اختلافهما في نحو : خ خ الأب حاضر ، أي أبو زيد ، خ خ الأب ليس بحاضر ، أي أبو عمرو.
__________________
(١) في (د) جزاء.