الفصل الثاني
في العكس
وأنه قسمان عكس نظير ، وعكس نقيض :
القسم الأول في عكس النظير
هو في الخبر ، أعني الخبر المطلق ، دون الشرط الذي هو خبر مخصوص ، عبارة عن تصيير خبر المبتدأ مبتدأ ، والمبتدأ خبرا ، مع تبقية الإثبات أو النفي بحاله ، والصدق والكذب بحاله ، دون الكم ، كما ستعرف.
لما عرفت أن لا غنى لصاحب الاستدلال عن معرفة مظان الانعكاس ، ومعرفة كيفية وقوعه فيها كليا أو بعضيا ، لزمنا أن نتكلم في عكوس الجمل المذكورة ، لكن الكلام هناك ، حيث نراه ، لا يستغني عن تقديم الكلام في [مسندي](١) الأصحاب ، لزمنا أن نطلعك عليهما.
أحدهما : طريق الافتراض ، وله وجهان : أحدهما : فرض البعض كلا لأفراده ، وثانيهما هو المقصود هنا ، وحاصله تعيين بعض من كلّ قد حكم عليه بحكم ، وجعل ملزوما للازم ليتوصل بتعيينه إلى بيان أن كل ملزوم لازم ، لا بد من أن يكون لازما لبعض أفراد لازمه ، ذلك مثل أن تريد : أن الإنسان ، الذي هو ملزوم الحيوان ، لا بد من أن يكون لازما لبعض أفراد الحيوان ، فتقصده فتقول : خ خ هذا الحاضر إنسان وإنه كما يصدق عليه أنه إنسان ، يصدق عليه أنه بعض الحيوان ، وأنه يمتنع أن يكون إنسانا ، وأن لا يكون بعض الحيوان ، فظهر : أن الإنسان لا بد من أن يلزم بعض الحيوان.
وثانيهما : طريق الخلف ، وحاصله إثبات حقيقة المطلوب ببطلان نقيضه ، مثل أن يقول : خ خ إن لم يصدق بعض الحيوان إنسان ، صدق نقيضه : لا شيء من الحيوان بإنسان ، و [يستلزم](٢) : خ خ لا إنسان حيوان ، وأنه باطل. هذا ، وعسى أن يكون لنا إلى
__________________
(١) في (د): (مسندين) وهو خطأ.
(٢) في (د): (يلزم).