القسم الثاني : في عكس النقيض
وهو عند الأصحاب في النوع الخبري ، أعني غير الشرط ، عبارة عن جعل نقيض الخبر مبتدأ ونقيض المبتدأ خبرا ، مثل أن تقول في قولك : خ خ كل إنسان حيوان ، خ خ كل لا حيوان لا إنسان. وفي قولك : خ خ بعض الناس كاتب ، خ خ بعض ما ليس بكاتب ليس بإنسان ، وفي قولك : لا إنسان بفرس ، خ خ بعض ما ليس بفرس هو إنسان ، وحاصله عندي يرجع إلى نفي الملزوم بنفي لازمه في عكس المثبت ، وإلى إثبات اللازم بثبوت ملزومه في عكس المنفي ، فتأمل واستعن فيه ، إن شئت ، بما قدمت لك في فصل ترجيح الكناية على الإفصاح ، بالذكر ، من كيفية الانتقال من اللازم إلى الملزوم.
ولا نشترط ههنا ما شرطنا في عكس النظير ، من أن لا يخالف الأصل والإثبات أو النفي.
ولنبتدىء بعكس نقيض المطلقة العامة : في المشهور أن لها عكس نقيض من جنسها ، وأن ذلك يتبين بالخلف ، فيقال : إذا صدق كل مؤمن صادق ، صدق خ خ كل من ليس بصادق ليس بمؤمن ، أي خ خ بعض من ليس بصادق مؤمن ، فينعكس : خ خ بعض المؤمنين ليس بصادق ، وقد كان : خ خ كل مؤمن صادق هذا خلف. لكن حيث عرفت أن لا تناقض بين المطلقتين ، لم يخف عليك أن لا خلف. ولكن إذا بين بالمقدمة المذكورة صح ، ويظهر لك من هذا أنك : إذا اعتبرت الدوام في أحد الجانبين ، أمكنك بيان عكس النقيض بالخلف ، فمتى صدق : خ خ كل مؤمن صادق ، صدق لا محالة : خ خ كل لا صادق دائما لا مؤمن ، بصفة الدوام ؛ وإنما قلنا : بصفة الدوام ؛ لأنه : إن صح ، ولو في وقت واحد ، لزم خلف.
وحاصله عندي هو : أن اللازم متى انتفى على الدوام ، انتفى الملزوم على الدوام.
وأما الضرورية المطلقة فهي تنعكس كنفسها ؛ لأن اللازم بالضرورة متى انتفى انتفى بالضرورة الملزوم ، ويندرج في ذلك سائر الضروريات.
وأما الممكنات : فمتى جعلت الإمكان جزء من الخبر ، انعكست ؛ لأنها حينئذ تلتحق بالضرورية ، لكون الإمكان لكل ممكن ضروريا له.