بفعل فيحصل : لا كل معرب فعل.
وقد عرفناك الطرق فاسكلها بنفسك ، ومتى أتقنت ما ذكر ، أمكنك تحصيل المطالب بطرق معلومة مضبوطة الأسماء ، وقد انضم إلى ذلك ما اخترنا نحن في عكوس الجمل ، من بقاء جهاتها محفوظة على ما سبق تقرير ذلك.
تفاوت الامتزاجات بين المتقدمين والمتأخرين :
ونحن إن [نسوق] الكلام إلى الآخر ، على أقرب الوجوه وأدخلها في الضبط أمكن ، ولكن في البين واقع يورث تشويشا ، فلا بد من تداركه ، وهو : أن بين المتقدمين والمتأخرين في الامتزاجات تفاوتا في الحكم يقدح في ضبط الكلام في مواضع ، ويشوش الأمر على المتعاطين ، فالرأي : أن نطلعك على السبب في وقوع التفاوت ، ثم نصرح لك بما نحن فاعلوه هناك من اختيار الأقرب إلى الضبط ، والعمل بالأليق.
اعلم أن التفاوت بين رأي المتقدمين ورأي المتأخرين حيث وقع ، وقع ؛ لأن المتقدمين لأجل تطلب الضبط اختاروا في الحاصل من الدليل أقل ما يلزم منه ، أعني : أعم الاحتمالين ، ولعمري ، ما فاتهم فائت ، وقد حصلوا على قانون مضبوط ، وهو جعل الحاصل تابعا لأعم جملتي الاستدلال ، إلا فيما كان اللازم من الدليل في الظهور مساويا لأقل ما يلزم منه ، وما ركبوا في اختيارهم لما اختاروه نوع بدعة. كيف ، وإن مبني الدليل كما عرفت على استفادة اليقين منه؟ والتشبث بأقل ما يلزم في باب اكتساب اليقين مما له قدم صدق في ذلك.
وأما المتأخرون : فقد بنوا رأيهم على ما يلزم من الدليل البتة ، من غير محاباة وغير التفات إلى مطلوب آخر في البين.
ونحن ، على أن نوفق بين الرأيين ، فنأخذ أقل ما يلزم من الدليل ابتداء ، ثم ننظر في الزيادة المحتملة ، إن وجدناها لازمة أخذناها أجزاء ، وهذا حين أن نشرع في الامتزاجات ، ذاكرين منها عدة أمثلة ليستعان بها فيما سواها.