[الباب](١) الثاني
في الاستدلال الذي جملتاه شرطيتان
إنك بعد أن وقفت على خواص تراكيب الاستدلالات في الفصل السابق ، مع أصولها المحتاج إليها ، وفروعها اللائقة بها ، لا نراك تفتقر في هذا الفصل إلا إلى مجرد الوقوف على الأحوال في الشرط : من الإثبات والنفي ، والتقييد بالكل والبعض والإهمال ، ومن التناقض والانعكاس. فحري بنا أن نوقفك على ذلك فنقول وبالله التوفيق.
أما الشرط ، فقد وقفت على كلماته في علم النحو ، وعلى تحقيقه في علم المعاني ، فلا نعيد ذلك. ولكن الأصحاب ألحقوا بكلمات الشرط : خ خ كلما ، وإن كانت أصول النحو تأبى ذلك ، لما تقرر أن كلمات الشرط حقها أن تجزم ، وليس هو من الجزم في شيء ، وإنما هو : (كل) الشمول ، قد دخل على : (ما) المصدرية المؤدية معنى الظرف ، على نحو : خ خ أتيتك مقدم الحاج ، وانتصب في قولك : خ خ كلما أكرمتني أكرمتك ، لإضافته إلى الظرف ، مفيدا معنى : خ خ كل وقت إكرامك إياي أكرمك.
واصطلحوا في كلمة : الترديد ، وهي إما على تسميتها كلمة شرط ، وليس من الشرط في شيء ، وإنما حاصله ترديد المبتدأ ، قبل دخول العوامل وبعده ، بين خبرين أو أكثر ، كقولك : خ خ زيد إما قائم ، وخ خ إما قاعد ، وخ خ إما ، وإما .. وخ خ إن زيدا إما قائم ، وإما قاعد ؛ وخ خ كان زيد إما قائما ، وإما قاعدا ؛ وأظن زيدا إما قائما وإما قاعدا ... وكقولك : خ خ زيد إما أن يكون قائما وإما أن يكون قاعدا ، إذ أصل الكلام ، بوساطة أصول النحو وعلم المعاني ، حال زيد إما كونه قائما ، وإما كونه قاعدا. أي حاله : إما القيام وإما القعود ، وكقولك : خ خ إما أن يكون زيد قائما وإما أن يكون قاعدا. إذ أصل الكلام الواقع : إما كون زيد قائما ، وإما كونه قاعدا ، أي الواقع إما قيام زيد وإما قعوده.
__________________
(١) في (غ ، د) : الفصل.