جملتي الدليل السابق على خلف الخلف ، وتحصل منه المطلوب الأصلي ، وقد أغنت عبارتي : خلف الخلف ، مع كمال إيضاحها لمراد الأصحاب من : رد الخلف إلى المستقيم ، عن تطويلات تمس الحاجة إليها بدون هذه العبارة.
عكس القياس :
وأما عكس القياس فنظير الخلف من وجه ، وذلك أنه يؤخذ فيه ، مقابل حاصل الدليل ، إما بالتناقض مثل : ما إذا كان كل كذا وكذا ، فيوضع موضعه : لا كل كذا كذا. وإما بالتضاد مثل : ما إذا كان كل كذا كذا ، فيوضع موضعه : لا شيء من كذا كذا ، ويضم إليه إحدى جملتي الدليل ، ليحصل مقابل الجملة الأخرى احتيالا لمنع القياس.
قياس الدور :
وأما قياس الدور : فهو أن يؤخذ عكس إحدى جملتي الدليل ، مع الحاصل من الدليل ، فيركب منهما دليل مثبت للجملة الأخرى ، ويصار إلى هذا في الجدل احتيالا ، عند ما تكون إحدى جملتي الدليل غير بينة ، فيغير المطلوب عن صورته اللفظية ، ليتوهم شيئا آخر ، ويقرن به عكس الجملة الأخرى من غير تغير الكمية ، مثل قولنا : كل إنسان متفكر ، وكل متفكر ضحاك ، فكل إنسان ضحاك. وقولنا : كل إنسان ضحاك ، وكل ضحاك متفكر ، فكل متفكر. وقولنا : كل متفكر إنسان ، وكل إنسان ضحاك ، فكل إنسان متفكر ضحاك. لكن هذا الاحتيال إنما يتمشى إذا كانت الأجزاء متعاكسة متساوية ، كما في المثال المضروب ، والذي ضربته من المثال يبين معنى تسميته قياس الدور ، فانظر.