فصل : باب المتداني (١)
وهذه الأوزان هي التي عليها مدار أشعار العرب بحكم الاستقراء ، لا تجد لهم وزنا يشذ عنها ، اللهم إلا نادرا ، وأكثر الاستقراءات كذلك لا تخلو عن شذوذ شيء منها ، ولعل جميعها. ثم لا تجد ذلك النادر ، بحرا كان أو عروضا أو ضربا أو زحافا ، إلا معلوم التفرع على المستقرئ ، أو ما ترى المتداني وهو خ خ فاعلن ثماني مرات كقولنا (٢) :
زارني زورة طيفها في الكرى ... |
|
فاعتراني لمن زارني ما اعترى |
كيف تجده ظاهر التفرع على المتقارب في دائرته ، وكذا ما يتبعه من الزحافات كالخبن في قوله (٣) :
أشجاك تشتّت شعب هواك ... |
|
فأنت له أرق وصبّ |
وكالقطع في قوله :
إنّ الدنيا قد غرتنا ... |
|
واستهوتنا واستلهتنا |
على قول من يعده شعرا ، ومن يسدس مثمنه متداني في قوله (٤) :
قف على دارسات الدمن ... |
|
بين أطلالها فابكين |
__________________
(١) المتداني : هو البحر المتدارك : الذي استدركه الأخفش على الخليل.
(٢) الطيف : المس والخيال ، والكرى : النوم والنعاس. ل اللسان (٢ / ١١٠ ، ٤٥٧).
(٣) أرق : من الأرق وهو السهر. لسان اللسان (١ / ٢٤) ، وصب : من الصبابة وهي الشوق لسان اللسان (٢ / ٤).
(٤) دارس الدمن : الدمن جمع دمنة وهي آثار البعير ، المعنى : الآثار والدور التي عفت واختفت. لسان اللسان (٢ / ٤٢٢).
والأطلال : جمع طلل : وهو ما شخص من آثار الديار لسان اللسان (٢ / ١٠١).