الأكمل فالأكمل ، فروعيت تلك المناسبة ، فلزم تقديم الدائرة المختلفة على ما سواها ؛ لكون بحورها أتم بحور عدد حروف ، لاشتمال كل بحر منها على ثمانية وأربعين حرفا. ولزم تأخير الدائرة المنفردة عن الكل ؛ لكون بحرها أنقص البحور عدد حروف ، لاشتماله على أربعين حرفا. ولزم توسط الدوائر الثلاث الباقية ؛ لاشتمال كل بحر من بحورهن على اثنين وأربعين حرفا. ثم لزم تقديم المؤتلفة منهن على أختيها ؛ لكون كل واحد من بحريها أتم من بحور أختيها عدد حركات ؛ لاشتمال كل واحد منهما على ثلاثين حركة ، واشتمال كل واحد من أولئك على أربع وعشرين. والسكون في هذا النوع معدود في جانب العدم ، فلا يوضع في مقابلة الحركة ، فاعرفه.
ثم ناسب إيلاء المجتلبة المؤتلفة لمزيد التناسب بينهما في : أن كل واحدة منهما تتمم أصل البيت بست دورات ، فترتيب الدوائر على ما ترى :
المختلفة ثم المؤتلفة ثم المجتلبة ثم المشبهة ثم المنفردة.
سبب تقديم بحر من بحور الدائرة الواحدة :
وأما تقديم ما يقدم من البحور في الدوائر : فالطويل ، نظرا إلى أركان الأفاعيل المبدوء بها ، وأعني بالأركان : الأسباب والأوتاد والفواصل. يقدم على أخويه ، لكون ركنه الأول ، وهو : خ خ فعو ، أتم من ركني أخويه ، وهما : خ خ فاو : مس. والهزج أيضا يقدم على أخويه لذلك.
وأما الكامل فإنما يؤخر عن الوافر ؛ لأن صحة إضماره يبرزه في معرض ما ركنه الأول سبب خفيف حكما ، وصحة إجراء الخبن عليه منبه على ذلك ، وكذا امتناعه عن الخرم امتناع ما أوله سبب خفيف ، على الرأي الصواب ، ولا يقف على هذا إلا النحوي المتقن ، حيث لا يبني على السكون الضمير في : غلامك ، أو : التصريفي الماهر ، حيث لا يجوز الإلحاق بالألف في حشو الكلمة ، أو صاحب الطبع المستقيم في باب الاستدلال أو غيره ، ممن يفهم باب قولنا : امتنع كذا لأدائه إلى الممتنع حكما ؛ وقولي : على الرأي الصواب ، احتراز عن رأي من يجوز الخرم في مخبون خ خ مستفعلن مستشهدا بقوله :