جئتهم من نوع الحكمة ، وجدت أئمتهم حيوانات ، ما تلحس إلا فضلات الفلسفة! وهلم جرا ، من آخر وآخر ، لا إتقان لحجة ، ولا تقرير لشبهة ، ولا عثور على دقيقة ، ولا اطلاع على شيء من أسرار ، ثم ها هم أولاء كم قد سودوا من صفحات القراطيس ، بفنون هذيانات.
ولربما ابتليت بحيوان من أشياعهم يمد عنقه مد اللص المصلوب ، وينفخ خياشيمه شبه الكير المستعاد ، ويطيل لسانه كالكلب عند التثاؤب ، آخذا في تلك الهذيانات الملوثة لصماخ المستمع ، ما أحلم إله الخلق : لا إله إلا أنت ، تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
هذا لبيان ضلالهم على سبيل الإطلاق ، فيما يوردون من المطاعن في القرآن ولقد حان أن نشرع في الكلام المفصل ، فنقول وبالله التوفيق.
مطاعن الضالين والرد عليهم :
إن هؤلاء ربما طعنوا في القرآن من حيث اللفظ قائلين : فيه (مقاليد) ، جمع إقليد ، وهو معرب : كليد. وفيه : (إستبرق) ، وهو معرب : اسطبر. وفيه : (سجيل) وأصله :
سنك كل. فأنّى يصح أن يكون فيه هذه المعربات ، ويقال : خ خ قرآن عربيّ مّبين.
فنقول : قدروا ، لجهلكم بطرق الاشتقاق ، وأصول علم الصرف ، أن لا مجال لشيء مما ذكرتم في علم العربية. أفجهلتم نوع التغليب؟ فما أدخلتموها في جملة كلم العرب من باب إدخال الأنثى في الذكور ، وإبليس في الملائكة على ما سبق.
وربما طعنوا فيه من حيث الإعراب قائلين فيه : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ)(١) وصوابه : إن هذين ، لوقوعه اسما لإن ، وفيه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ)(٢) وصوابه : والصابئين ، لكونه معطوفا على اسم (إن) قبل مضي الجملة ،
__________________
(١) سورة طه : ٦٣.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ٦٩.