أيام خلق السموات والأرض وما بينهما في الأول : ستة ، وفي الثاني : ثمانية ، لجهلهم بالمراد من قوله : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) وذلك يومان مأخوذان مع اليومين الأولين ، على ما يقال : خرجنا من البلد ، فوصلنا إلى موضع كذا في يومين ، فذهبنا ووصلنا إلى المقصد في أربعة أيام. مراد بالأربعة : يومان مضافان إلى اليومين الأولين.
ويقولون : الريح العاصفة لا تكون رخاء ، ثم : ريح سليمان موصوفة بهما في قرآنكم ، وذلك من التناقض. ولا يدرون أن المراد بالرخاء نفي ما يلزم العصف عادة من التشويش.
ويقولون : الثعبان ما يعظم من الحيات ، والجان ما يخف منها من غير عظم ، فقوله في عصا موسى : مرة هي ثعبان ومرة كأنها جان ، من التناقض. ولا يدرون أن المراد تشبيهها بالجان مجرد الخفة.
ويقولون : وصف القرآن بالإنزال والتنزيل من التناقض ؛ ولا يدرون : أن وصفه بالإنزال إنما هو من اللوح إلى السماء الدنيا ، وبالتنزيل من السماء الدنيا إلى النبي عليهالسلام.
واعلم أن جهلهم في هذا الفن جهل لا حد له ، وهو السبب في استكثارهم من إيراد هذا الفن في القرآن ، وقد نبهت على مواقع خطئهم فتتبعها أنت.
ومنها أنهم يقولون : قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)(١) كذب محض. ومن ذا الذي يرضى لكلام فيه عيب الكذب ، أن ينسب إلى الله ، تعالى عن الكذب علوّا كبيرا ، فإن أمره للملائكة بالسجود لآدم لم يكن بعد خلقنا وتصويرنا ، يقولون ذلك لجهلهم بأن المراد بقوله : (خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) هو خلقنا : أباكم آدم وصورناه.
ومنها أنهم يقولون : أنتم في دعواكم أن القرآن كلام الله قد علمه محمدا على أحد
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ١١.