لأجل ذلك نتأمل الأمثلة الستة الأولى ، فنرى أفعال الأمر في الثلاثة الأولى منها صحيحة الآخر ولم يتصل بها شيء ، ونراها في الثلاثة الثانية متصلة بنون النسوة ، وإذا تأملنا أواخر هذه الأفعال الستة وجدناها ساكنة ، وكذلك آخر كل فعل يجيء على إحدى الصورتين المتقدمتين ، ومن ذلك نعلم أن فعل الأمر يبنى على السكون في هاتين الحالتين.
وإذا تأملنا الأمثلة الستة الثانية ، وجدنا أفعال الأمر فيها قد اتصل آخر كل منها بنون تدل على تقوية الفعل وتوكيده ، وتسمى هذه النون نون التوكيد وهي إما ثقيلة وإما خفيفة على نحو ما ترى في الأمثلة ، وإذا تدبرنا أواخر أفعال الأمر في هذه الأمثلة الستة وجدناها مفتوحة وكذلك الحال في جميع أواخر أفعال الأمر المتصلة بهذه النون ، ومن ذلك أن فعل الأمر يبنى على الفتح في هذه الحال.
وإذا تأملنا أفعال الأمر في الأمثلة الثلاثة التالية وهي «ألق وادع وتحر» وجدنا آخر كل منها حرف علة محذوفا بدليل ظهور ذلك الحرف في الماضي والمضارع ، إذ يقول في ماضيها «ألقى ، ودعا ، وتحرّى» ، وفي مضارعها «يلقى ويدعو ويتحرّى» ، فهي إذا أفعال أمر معتلة الأواخر ، وإذا تتبعنا جميع أفعال الأمر التي من هذا النوع ، وجدناها أيضا محذوفة الأواخر.
وإذا بحثنا في سبب هذا الحذف لم نجد سوى البناء سببا ، ومن ذلك نحكم أن فعل الأمر في مثل هذه الأمثلة السابقة يبنى على حذف حرف العلة.
وإذا نظرنا إلى أفعال الأمر في بقية الأمثلة ، نرى أنها اتصلت مرة «بألف» تدل على اثنين ، ومرة بواو تدل على جماعة الذكور ، وأخرى «بياء» تدل على واحدة مخاطبة ؛ وبالرجوع إلى مضارع كل فعل من هذه الأفعال نرى به «نونا» ، إذ نقول «يفتحان» و «يجمعون» و «ترتبين» ولكن هذه النون لا توجد في أفعال الأمر المتصلة «بالألف» أو «الواو» أو «الياء» ، ولذلك يقال إن فعل الأمر في هذه الأحوال الثلاث مبني على حذف النون.
القاعدة
(٣٥) يبنى فعل الأمر على السّكون إذا كان صحيح الآخر ولم يتّصل به شيء ، وكذلك إذا اتصلت به نون النّسوة ، ويبنى على الفتح إذا اتّصلت به نون التّوكيد. ويبنى على حذف حرف العلّة إذا كان معتلّ الآخر. ويبنى على حذف النون إذا اتّصلت به ألف اثنين أو واو جماعة أو ياء مخاطبة.