وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) قد انتظم صدقة الفرض والنفل فصار اسم الزكاة يتناول الفرض والنفل كاسم الصدقة وكاسم الصلاة ينتظم الأمرين.
باب الأذان
قال الله تعالى (وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً) قد دلت هذه الآية على أن للصلاة أذانا يدعى به الناس إليها ونحوه قوله تعالى (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) وقد روى عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن معاذ قال كانوا يجتمعون للصلاة لوقت يعرفونه ويؤذن بعضهم بعضا حتى نقسوا (١) أو كادوا أن ينقسوا فجاء عبد الله بن زيد الأنصارى وذكر الأذان فقال عمر قد طاف بي الذي طاف به ولكنه سبقني وروى الزهري عن سالم عن أبيه قال استشار النبي صلّى الله عليه وسلّم المسلمين على ما يجمعهم في الصلاة فقالوا البوق فكرهه من أجل اليهود وذكر قصة عبد الله بن زيد وأن عمر رأى مثل ذلك فلم يختلفوا أن الأذان لم يكن مسنونا قبل الهجرة وأنه إنما سن بعدها وقد روى أبو يوسف عن محمد بن بشر الهمدانى قال سألت محمد بن على عن الأذان كيف كان أوله وما كان فقال شأن الأذان أعظم من ذلك ولكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما أسرى به جمع النبيون ثم نزل ملك من السماء لم ينزل قبل ليلته فأذن كأذانكم وأقام كإقامتكم ثم صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالنبيين قال أبو بكر ليلة أسرى به كان بمكة وقد صلى بالمدينة بغير أذان واستشار أصحابه فيما يجمعهم به للصلاة ولو كانت تبدئه الأذان قد تقدمت قبل الهجرة لما استشار فيه وقد ذكر معاذ وابن عمر في قصة الأذان ما ذكرنا والأذان مسنون لكل صلاة مفروضة منفردا كان المصلى أو في جماعة إلا أن أصحابنا قالوا جائز للمقيم المنفرد أن يصلى بغير أذان لأن أذان الناس دعاء له فيكتفى به والمسافر يؤذن ويقيم وإن اقتصر على الإقامة دون الأذان أجزأه ويكره له أن يصلى بغير أذان ولا إقامة لأنه لم يكن هناك أذان ويكون دعاء له وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال من صلى في أرض بأذان وإقامة صلّى خلفه صف من الملائكة لا يرى طرفاه وهذا يدل على أن من سنة صلاة المنفرد الأذان وقال في خبر آخر إذا سفرتما فأذنا وأقيما وقد ذكرنا صفة الأذان والإقامة والاختلاف فيهما في غير هذا الكتاب قوله تعالى(يا أَيُّهَا الَّذِينَ
__________________
(١) قوله نفسوا ماض من النفس بفتح النون وسكون القاف ومعناه الضرب بالناقوس.