على الذين شربوها بالشام ولم يكن حكمه حكمهم لأن أولئك شربوها مستحلين لها ومستحل ما حرم الله كافر فلذلك استتابوهم وأما قدامة بن مظعون فلم يشربها مستحلا لشربها وإنما تأول الآية على أن الحال التي هو عليها ووجود الصفة التي ذكر الله تعالى في الآية فيه مكفرة لذنوبه وهو قوله تعالى (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فكان عنده أنه من أهل هذه الآية وأنه لا يستحق العقوبة على شربها مع اعتقاده لتحريمها ولتكفير إحسانه إساءته وأعاد ذكر الاتقاء في الآية ثلاث مرات والمراد بكل واحد منهما غير المراد بالأخرى فأما الأول فمن اتقى فيما سلف والثاني الاتقاء منهم في مستقبل الأوقات والثالث اتقاء ظلم العباد والإحسان إليهم.
باب الصيد للمحرم
قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) قيل في موضع من هاهنا أنها للتبعيض بأن يكون المراد صيد البرذون صيد البحر وصيد الإحرام دون صيد الإحلال وقيل إنها للتمييز كقوله تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) وقولك باب من حديد وثوب من قطن وجائز أن يريد ما يكون من أجزاء الصيد وإن لم يكن صيدا كالبيض والفرخ لأن البيض من الصيد وكذلك الفرخ والريش وسائر أجزائه فتكون الآية شاملة لجميع هذه المعاني ويكون المحرم بعض الصيد في بعض الأحوال وهو صيد البر في حال الإحرام ويفيد أيضا تحريم ما كان من أجزاء الصيد ونما عنه كالبيض والفرخ والوبر وغيره وقد روى عن ابن عباس في قوله تعالى (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ) قال فراخ الطير وصغار الوحش وقال مجاهد الفرخ والبيض وقد روى عن على رضى الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتاه أعرابى بخمس بيضات فقال إنا محرمون وإنا لا نأكل فلم يقبلها وروى عكرمة عن ابن عباس عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قضى في بيض نعام أصابه المحرم بقيمته وروى عن عمر وعبد الله بن مسعود وابن عباس وأبى موسى في بيض النعامة يصيبه المحرم أن عليه قيمته ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في ذلك* وقوله تعالى (وَرِماحُكُمْ) قال ابن عباس كبار الصيد* قوله تعالى (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ