أو آخران من غيركم) وقوله بعد ذلك (فيقسمان بالله) لا يحتمل غير اليمين ثم قال (فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا) يعنى بها اليمين لأن هذه أيمان الوارثين وقوله (أحق من شهادتهما) يحتمل من يمينهما ويحتمل من شهادتهما لأن الوصيين قد كان منهما شهادة ويمين وصارت يمين الوارث أحق من شهادة الوصيين ويمينهما لأن شهادتهما لأنفسهما غير جائزة ويميناهما لم توجب تصحيح دعواهما في شراء ما ادعيا شراءه من الميت ثم قال تعالى (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها) يعنى والله أعلم بالشهادة على الوصية وأن لا يخونوا ولا يغيروا يعنى أن ما حكم الله تعالى به من ذلك من الأيمان وإيجابها تارة على الشهود فيما ادعى عليهما من الخيانة وتارة على الورثة فيما ادعى الشهود من شرى شيء من مال الميت وأنهم متى علموا ذلك أتوا بالشهادة على وصية الميت على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ولا يقتصروا على أيمانهم ولا يبرئهما ذلك من أن يستحق عليهم ما كتموه وادعوا شراه إذا حلف الورثة على ذلك والله أعلم.
(سورة الأنعام)
(بسم الله الرحمن الرحيم)
باب النهى عن مجالسة الظالمين
قال الله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم) الآية فأمر الله نبيه بالإعراض عن الذين يخوضون في آيات الله وهي القرآن بالتكذيب وإظهار الاستخفاف إعراضا يقتضى الإنكار عليهم وإظهار الكراهة لما يكون منهم إلى أن يتركوا ذلك ويخوضوا في حديث غيره وهذا يدل على أن علينا ترك مجالسة الملحدين وسائر الكفار عند إظهارهم الكفر والشرك وما لا يجوز على الله تعالى إذا لم يمكننا إنكاره وكنا في تقية من تغييره باليد أو اللسان لأن علينا اتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما أمره الله به إلا أن تقوم الدلالة على أنه مخصوص بشيء منه قوله تعالى (وإما ينسينك الشيطان) المراد إن أنساك الشيطان ببعض الشغل فقعدت معهم وأنت ناس للنهى فلا شيء عليك في تلك الحال ثم قال تعالى (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) يعنى بعد ما تذكر نهى الله تعالى لا تقعد مع الظالمين وذلك عموم في النهى عن مجالسة سائر الظالمين من أهل الشرك