على ذبائحهم لم تؤكل مثل ذلك على أنه لم يرد ذبائح المشركين إذ كانت ذبائحهم غير مأكولة سموا الله عليها أو لم يسموا وقد نص الله تعالى على تحريم ذبائح المشركين في غير هذه الآية وهو قوله تعالى (وما ذبح على النصب) وأيضا فلو أراد ذبائح المشركين أو الميتة لكانت دلالة الآية قائمة على فساد التذكية بترك التسمية إذ جعل ترك التسمية علما لكونه ميتة فدل ذلك على أن كل ما تركت التسمية عليه فهو ميتة وعلى أنه قد روى عن ابن عباس ما يدل على أن المراد التسمية دون ذبيحة الكافر وهو ما رواه إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم قال كانوا يقولون ما ذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه وما لم يذكر اسم الله فكلوه فقال الله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) فأخبر ابن عباس في هذا الحديث أن المجادلة منهم كانت في ترك التسمية وأن الآية نزلت في إيجابها لا من طريق ذبائح المشركين ولا الميتة ويدل على أن ترك التسمية عامدا يفسد الذكاة.
قوله تعالى (يسئلونك ما ذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين ـ إلى قوله ـ واذكروا اسم الله عليه) ومعلوم أن ذلك أمر يقتضى الإيجاب وأنه غير واجب على الأكل فدل على أنه أراد به حال الاصطياد والسائلون قد كانوا مسلمين فلم يبح لهم الأكل إلا بشريطة التسمية ويدل عليه قوله تعالى (فاذكروا اسم الله عليها صواف) يعنى في حال النحر لأن الله تعالى قال (فإذا وجبت جنوبها) والفاء للتعقيب ويدل عليه من جهة السنة حديث عدى بن حاتم حين سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن صيد الكلب فقال إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل إذا أمسك عليك وإن وجدت معه كلبا آخر وقد قتله فلا تأكله فإنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكره على غيره وقد كان عدى بن حاتم مسلما فأمره بالتسمية على إرسال الكلب ومنعه الأكل عند عدم التسمية بقوله فلا تأكله فإنما ذكرت الله على كلبك وقد اقتضت الآية النهى عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه والنهى عن ترك التسمية أيضا ويدل على تأكيد النهى عن ذلك قوله تعالى (وإنه لفسق) وهو راجع إلى الأمرين من ترك التسمية ومن الأكل ويدل أيضا على أن المراد حال تركها عامدا إذا كان الناسي لا يجوز أن تلحقه سمة الفسق* ويدل عليه ما روى عبد العزيز الدراوردى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن الناس قالوا يا رسول الله