(سوره اعراف)
قوله تعالى (فلا يكن في صدرك حرج منه) مخرجه مخرج النهى ومعناه نهى المخاطب عن التعرض للحرج وروى عن الحسن في الحرج أنه الضيق وذلك أصله ومعناه فلا يضيق صدرك خوفا أن لا تقوم بحقة فإنما عليك الإنذار به وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدى الحرج هنا الشك يعنى لا تشك في لزوم الإنذار به وقيل معناه لا يضيق صدرك بتكذيبهم إياك كقوله تعالى (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) قوله تعالى (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) هو أن يكون تصرفه مقصورا على مراد أمره وهو نظير الائتمام وهو أن يأتم به في اتباع مراده وفي فعله غير خارج عن تدبيره فإن قيل هل يكون فاعل المباح متبعا لأمر الله عز وجل قيل له قد يكون متبعا إذا قصد به اتباع أمره في اعتقاد إباحته وإن لم يكن وقوع الفعل مرادا منه وأما فاعل الواجب فإنه قد يكون الاتباع في وجهين أحدهما اعتقاد وجوبه والثاني إيقاع فعله على الوجه المأمور به ضارع المباح الواجب في الاعتقاد إذ كان على كل واحد منهما وجوب الاعتقاد بحكم الشيء على ترتيبه ونظامه في إباحة أو إيجاب جاز أن يشتمل قوله (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) على المباح الواجب وقوله (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم) دليل على وجوب اتباع القرآن في كل حال وأنه غير جائز الاعتراض على حكمه بأخبار الآحاد لأن الأمر باتباعه قد ثبت بنص التنزيل وقبول خبر الواحد غير ثابت بنص التنزيل فغير جائز تركه لأن لزوم اتباع القرآن قد ثبت من طريق يوجب العلم وخبر الواحد يوجب العمل فلا يجوز تركه ولا الاعتراض به عليه وهذا يدل على صحة قول أصحابنا في أن قول من خالف القرآن في أخبار الآحاد غير مقبول وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال ما جاءكم منى فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فهو عنى وما خالف كتاب الله فليس عنى فهذا عندنا فيما كان وروده من طريق الآحاد فأما ما ثبت من طريق التواتر فجائز تخصيص القرآن به وكذلك نسخه قوله (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فما تيقنا أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قاله فإنه في إيجاب الحكم بمنزلة القرآن فجاز تخصيص بعضه ببعض وكذلك نسخه قوله تعالى (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا