أنبيائه قوله تعالى (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس) هذه لام العاقبة كقوله تعالى (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) ولم يكن غرضهم ذلك في التقاطه ولكنه لما كان ذلك عاقبة أمره أطلق ذلك فيهم ومنه قول الشاعر :
لدوا للموت وابنوا للخراب
وقال أيضا :
وأم سماك فلا تجزعي |
|
فللموت ما غذت الوالده |
قوله تعالى (أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شىء) فيه حث على النظر والاستدلال والتفكر في خلق الله وصنعه وتدبيره فإنه يدل عليه وعلى حكمته ووجوده وعدله وأخبر أن في جميع ما خلقه دليلا عليه وداع إليه وحذرهم التفريط بترك النظر إلى وقت حلول الموت وفوات ما كان يمكنه الاستدلال به على معرفة الله تعالى وتوحيده وذلك قوله تعالى (وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأى حديث بعده يؤمنون) قوله تعالى (يسئلونك عن الساعة أيان مرساها) الآية قوله (أيان مرساها) قال قتادة والسدى قيامها وأيان بمعنى متى وهو سؤال عن الزمان على وجهه الظرف للفعل فلم يخبرهم الله تعالى عن وقتها ليكون العباد على حذر منه فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية* والمرسى مستقر الشيء الثقيل ومنه الجبال الراسيات يعنى الثابتات ورسيت السفينة إذا ثبتت في مستقرها وأرساها غيرها أثبتها قال ابن عباس كان السائلون عن الساعة قوم من اليهود وقال الحسن وقتادة سألت عنها قريش قوله تعالى (لا تأتيكم إلا بغتة) قال قتادة غفلة وذلك أشدها* وقوله تعالى (ثقلت في السماوات والأرض) قال السدى وغيره ثقل علمها على أهل السموات والأرض فلم يطيقوه إدراكا له وقال الحسن عظم وصفها على أهل السموات والأرض من انتثار النجوم وتكوير السموات وتسيير الجبال وقال قتادة ثقلت على السموات فلا تطيقها لعظمها* وقوله تعالى (يسئلونك كأنك حفى عنها) قال مجاهد والضحاك ومعمر كأنك عالم بها وعن ابن عباس والحسن وقتادة والسدى يسئلونك عنها كأنك حفى بهم على التقديم والتأخير أى كأنك لطيف ببرك إياهم من قوله (إنه كان بى حفيا) ويقال إن أصل الحفا الإلحاح في الأمر يقال أحفى فلان فلانا إذا ألح في الطلب منه أحفى