بعض لأجله كما سمى المؤمنين إخوانا بقوله تعالى (إنما المؤمنون أخوة) لتعاطفهم وتواصلهم بالدين فأخبر عن حال من استعاذ بالله من نزغ الشيطان ووساوسه في بصيرته ومعرفته بقبح ما يدعوه إليه وتباعد منه ومن دواعي شهواته برجوعه إلى الله وإلى ما ذكره وهذه الاستعاذة تجوز أن تكون بقوله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وجائز أن تكون بالفكر في نعم الله تعالى عليه وفي أوامره ونواهيه وما يؤول به إليه الحال من دوام النعيم فيهون عنده دواعي هواه وحوادث شهواته ونزغات الشيطان بها ثم أخبر تعالى عن حال من أعرض عن ذكر الله والاستعاذة به فقال (وإخوانهم يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون) فكلما تباعدوا عن الذكر مضوا مع وساوس الشيطان وغيه غير مقصرين عنه وهو نظير قوله تعالى (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا) وقوله تعالى (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء) وبالله التوفيق.
باب القراءة خلف الإمام
قال الله تعالى (وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) قال أبو بكر روى عن ابن عباس أنه قال إن النبي الله صلّى الله عليه وآله وسلم قرأ في الصلاة وقرأ معه أصحابه فخلطوا عليه فنزل (وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) وروى ثابت بن عجلان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) قال المؤمن في سعة من الاستماع إليه إلا في صلاة مفروضة أو يوم جمعة أو فطر أو أضحى وروى المهاجر أبو مخلد عن أبى العالية قال كان النبي الله صلّى الله عليه وآله وسلم إذا صلّى قرأ أصحابه أجمعون خلفه حتى نزلت (وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) فسكت القوم وقرأ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وروى الشعبي وعطاء قالا في الصلاة وروى إبراهيم بن أبى حرة عن مجاهد مثله وروى ابن أبى نجيح عن مجاهد أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم سمع قراءة فتى من الأنصار وهو في الصلاة يقرأ فنزلت هذه الآية وروى عن سعيد بن المسيب أنه قرأ في الصلاة وروى عن مجاهد أنه في الصلاة والخطبة والخطبة لا معنى لها في هذا الموضع لأن موضع القرآن في الخطبة كغير* في وجوب الاستماع والإنصات وروى عن أبى هريرة أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة حتى نزلت هذه الآية وهذا أيضا تأويل بعيد لا يلائم معنى الآية لأن الذي في الآية إنما هو أمر بالاستماع والإنصات لقراءة غيره لاستحالة أن يكون مأمورا بالاستماع