فهذه الأخبار موافقة لظاهر الكتاب فهو أولى مما يخالفه من حديث حبيب بن مسلمة مع احتمال حديثه للتأويل الذي وصفنا وجمعنا يمنع أن يكون في الاربعة الأخماس حق لغير الغانمين ويخبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فيها أنه لا حق له فيها وروى محمد بن سيرين أن أنس بن مالك كان مع عبيد الله بن أبى بكرة في غزاة فأصابوا سبيا فأراد عبيد الله أن يعطى أنسا من السبي قبل أن يقسم فقال أنس لا ولكن أقسم ثم أعطى من الخمس فقال عبيد الله لا إلا من جميع الغنائم فأبى أنس أن يقبل وأبى عبيد الله أن يعطيه من الخمس وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا إبراهيم عن عبد الله حدثنا حجاج حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن سعيد بن المسيب أنه قال لا نفل بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال الشيخ أيده الله يجوز أن يريد به من جملة الغنيمة لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قد كانت له الأنفال ثم نسخ بآية القسمة وهذا مما يحتج به لصحة مذهبنا لأن ظاهره يقتضى أن لا يكون لأحد نفل بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلم في عموم الأحوال إلا أنه قد قامت الدلالة في أن الإمام إذا قال من قتل قتيلا فله سلبه أنه يصير ذلك له بالاتفاق فحصصناه وبقي الباقي على مقتضاه في أنه إذا لم يقل ذلك الإمام فلا شيء له وقد روى عن سعيد بن المسيب قال كان الناس يعطفون النفل من الخمس* فإن قيل قد أعطى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم من غنائم حنين صناديد العرب عطايا نحو الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن والزبرقان بن بدر وأبى سفيان بن حرب وصفوان بن أمية ومعلوم أنه لم يعطهم ذلك من سهمه من الغنيمة وسهمه من الخمس إذ لم يكن يتسع لهذه العطايا لأنه اعطى كل واحد من هؤلاء وغيرهم مائة من الإبل ولم يكن ليعطيهم من بقية سهام الخمس سوى سهمه لأنها للفقراء ولم يكونوا هؤلاء فقراء فثبت أنه أعطاهم من جملة الغنيمة ولما لم يستأذنهم فيه دل على أنه أعطاهم على وجه النفل وأنه قد كان له أن ينفل قيل له إن هؤلاء القوم كانوا من المؤلفة قلوبهم وقد جعل الله تعالى للمؤلفة قلوبهم سهما من الصدقات وسبيل الخمس سبيل الصدقة لأنه مصروف إلى الفقراء كالصدقات المصروفة إليهم فجائز أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أعطاهم من جملة الخمس كما يعطيهم من الصدقات.
وقد اختلف في سلب القتيل فقال أصحابنا ومالك والثوري السلب من غنيمة الجيش إلا أن يكون الأمير قال من قتل قتيلا فله سلبه وقال الأوزاعى والليث والشافعى السلب للقاتل وإن لم يقل الأمير قال الشيخ أيده الله قوله عز وجل (واعلموا أنما غنمتم من