والمائة للمائتين قال ومقاومة العشرين للمائتين غير مفروضة وكذلك المائة للمائتين وإنما الصبر مفروض على قدر الإمكان والناس مختلفون في ذلك على مقادير استطاعتهم فليس في الآية نسخ كما زعم قال أبو بكر هذا كلام شديد الاختلال والتناقض خارج عن قول الأمة سلفها وخلفها وذلك لأنه لا يختلف أهل النقل والمفسرون في أن الفرض كان في أول الإسلام مقاومة الواحد للعشرة ومعلوم أيضا أن قوله تعالى (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) وإن كان لفظه لفظ الخبر فمعناه الأمر كقوله تعالى هو إخبارا بوقوع ذلك وإنما هو أمر بأن لا يفر الواحد من العشرة ولو كان هذا خبرا لما كان لقوله (الآن خفف الله عنكم) معنى لأن التخفيف إنما يكون في المأمور به لا في المخبر عنه ومعلوم أيضا أن القوم الذين كانوا مأمورين بأن يقاوم الواحد منهم عشرة من المشركين داخلون في قوله (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) فلا محالة قد وقع النسخ عنهم فيما كانوا تعبدوا به من ذلك ولم يكن أولئك القوم قد نقصت بصائرهم ولقل صبرهم وإنما خالطهم قوم لم يكن لهم مثل بصائرهم ونياتهم وهم المعنيون بقوله تعالى (وعلم أن فيكم ضعفا) فبطل بذلك قول هذا القائل بما وصفنا وقد أقر هذا القائل أن بعض التكليف قد زال منهم بالآية الثانية وهذا هو معنى النسخ والله أعلم بالصواب.
باب الأسارى
قال الله تعالى (ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) حدثنا محمد ابن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو نوح قال أخبرنا عكرمة ابن عمار قال حدثنا سماك الحنفي قال حدثني ابن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر فأخذ النبي صلّى الله عليه وآله وسلم الفداء فأنزل الله تعالى (ما كان لنبى أن يكون له أسرى ـ إلى قوله ـ لمسكم فيما أخذتم) من الفداء ثم أحل الله الغنائم وحدثنا عبد الباقي ابن قانع قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال كان يوم بدر تعجل ناس من المسلمين فأصابوا من الغنائم فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس قبلكم كان النبي