رسول الله فإن أبوا فادعوهم إلى إعطاء الجزية وذلك عام في سائر المشركين وخصصنا منهم مشركي العرب بالآية وسيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم فيهم.
باب حكم نصارى بنى تغلب
قال الله تعالى (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ـ إلى قوله ـ من الذين أوتوا الكتاب) ونصارى بنى تغلب منهم لأنهم ينتحلون نحلتهم وإن لم يكونوا متمسكين بجميع شرائعهم وقال الله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فجعل الله تعالى من يتولى قوما منهم فهو في حكمهم ولذلك قال ابن عباس في نصارى بنى تغلب أنهم لو لم يكونوا منهم إلا بالولاية لكانوا منهم لقوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) وذلك حين قال على رضى الله عنه إنهم لم يتعلقوا من النصرانية إلا بشرب الخمر قال ابن عباس ذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لعدي بن حاتم حين جاءه فقال له أما تقول إلا أن يقال لا إله إلا الله فقال إن لي دينا فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم أبا أعلم به منك ألست ركوسيا قال نعم قال ألست تأخذ المرباع قال نعم قال فإن ذلك لا يحل لك في دينك فنسبه إلى صنف من النصارى مع إخباره بأنه غير متمسك به فأخذه المرباع وهو ربع الغنيمة غير مباحة في دين النصارى فثبت بذلك أن انتحال بنى تغلب لدين النصارى يوجب أن يكون حكمهم حكمهم وأن يكونوا أهل كتاب وإذا كانوا من أهل الكتاب وجب أخذ الجزية منهم والجزاء والجزية واحد وهو أخذ المال منهم عقوبة وجزاء على إقامتهم على الكفر ولم يذكر في الآية لها مقدارا معلوما ومهما أخذ منهم على هذا الوجه فإن اسم الجزية يتناوله وقد وردت أخبار متواترة عن أئمة السلف في تضعيف الصدقة في أموالهم على ما يأخذ من المسلمين وهو قول أهل العراق وأبى حنيفة وأصحابه والثوري وهو قول الشافعى وقال مالك في النصراني إذا أعتقه المسلم فلا جزية عليه ولو جعلت عليه الجزية لكان العتق قد أضربه ولم ينفعه شيئا ولا تحفظ عن مالك في بنى تغلب شيئا وروى يحيى بن آدم قال حدثنا عبد السلام عن أبى إسحاق الشيباني عن السفاح عن داود بن كردوس عن عمارة بن النعمان أنه قال لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين إن بنى تغلب قد علمت شوكتهم وأنهم بإزاء العدو فإن ظاهروا عليك العدو اشتدت مؤنتهم فإن رأيت أن تعطيهم شيئا فافعل فصالحهم على أن لا يقسموا أولادهم في النصرانية وتضاعف عليهم الصدقة قال وكان عمارة يقول قد فعلوا فلا عهد لهم وهذا