بعث محمدا صلّى الله عليه وسلّم داعيا ولم يبعثه جابيا فإذا أتاك كتابي هذا فارفع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة فلما ولى هشام بن عبد الملك أعادها على المسلمين وكان أحد الأسباب التي لها استجاز القراء والفقهاء قتال عبد الملك بن مروان والحجاج لعنهما الله أخذهم الجزية من المسلمين ثم صار ذلك أيضا أحد أسباب زوال دولتهم وسلب نعمتهم وروى عبد الله بن صالح قال حدثنا حرملة بن عمران عن يزيد بن أبى حبيب قال أعظم ما أتت هذه الأمة بعد نبيها ثلاث خصال قتلهم عثمان وإحراقهم الكعبة وأخذهم الجزية من المسلمين وأما قولهم أن الجزية بمنزلة ضريبة العبد فليس ببدع هذا من جهلهم إذ قد جهلوا من أمور الإسلام ما هو أعظم منه وذلك لأن أهل الذمة ليسوا عبيدا ولو كانوا عبيدا لما زال عنهم الرق بإسلامهم لأن إسلام العبد لا يزيل رقه وإنما الجزية عقوبة عوقبوا بها لإقامتهم على الكفر فمتى أسلموا لم يجز أن يعاقبوا بأخذها منهم ألا ترى أن العبد النصراني لا تؤخذ منه الجزية فلو كان أهل الذمة عبيدا لما أخذ منهم الجزية.
في خراج الأرض هل هو جزية
قال أبو بكر اختلف أهل العلم في خراج الأرضين هل هو صغار وهل يكره للمسلم أن يملك أرض الخراج فروى عن ابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين كراهته ورواه داخلا في آية الجزية وهو قول الحسن بن حي وشريك وقال آخرون الجزية إنما هي خراج الرءوس ولا يكره للمسلم أن يشترى أرض خراج وليس ذلك بصغار وهو قول أصحابنا وابن أبى ليلى وروى عن عبد الله بن مسعود ما يدل على أنه لم يكرهه وهو ما روى شعبة عن الأعمش عن شمر بن عطية عن رجل من طيئ عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا قال عبد الله وبراذان ما براذان وبالمدينة ما بالمدينة يعنى أن له ضيعة براذان وضيعة بالمدينة ومعلوم أن راذان من الأرض الخراج فلم يكره عبد الله ملك أرض الخراج وروى عن عمر بن الخطاب في دهقانة نهر الملك حين أسلمت إن أقامت على أرضها أخذنا منها الخراج وروى أن ابن الرفيل أسلم فقال مثل ذلك وعن على في رجل من أهل الأرض أسلم فقال إن أقمت على أرضك أخذنا منك الخراج وإلا فنحن أولى بها وروى عن سعد بن أبى وقاص وسعيد بن زيد مثل ذلك وروى سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال منعت