المسكين الذي لا يصيب المكسب وهذا الذي قدمنا يدل على أن الفقير أحسن حالا من المسكين وأن المسكين أضعف حالا منه وقد روى أبو يوسف عن أبى حنيفة فيمن قال ثلث مالي للفقراء والمساكين ولفلان أن لفلان الثلث والثلثان للفقراء والمساكين فهذا موافق لما روى عنه في الفرق بين الفقير والمسكين وأنهما صنفان وروى عن أبى يوسف في هذه المسألة أن نصف الثلث لفلان ونصفه للفقراء والمساكين وهذا يدل على أنه جعل الفقراء والمساكين صنفا واحدا وقوله تعالى (والعاملين عليها) فإنهم السعاة لجباية الصدقة روى عن عبد الله بن عمر أنهم يعطون بقدر عمالتهم وعن عمر بن عبد العزيز مثله ولا نعلم خلافا بين الفقهاء أنهم لا يعطون الثمن وأنهم يستحقون منها بقدر عملهم وهذا يدل على بطلان قول من أوجب قسمة الصدقات على ثمانية ويدل أيضا على أن أخذ الصدقات إلى الإمام وأنه لا يجزى أن يعطى رب الماشية صدقتها الفقراء فإن فعل أخذها الإمام ثانيا ولم يحتسب له بما أدى وذلك لأنه لو جاز لأرباب الأموال أداؤها إلى الفقراء لما احتيج إلى عامل لجبايتها فيضر بالفقراء والمساكين فدل ذلك على أن أخذها إلى الإمام وأنه لا يجوز له إعطاؤها الفقراء قوله تعالى (والمؤلفة قلوبهم) فإنهم كانوا قوما يتألفون على الإسلام بما يعطون من الصدقات وكانوا يتألفون بجهات ثلاث إحداها للكبار لدفع معرتهم وكف أذيتهم عن المسلمين والاستعانة بهم على غيرهم من المشركين والثانية لاستمالة قلوبهم وقلوب غيرهم من الكفار إلى الدخول في الإسلام ولئلا يمنعوا من أسلم من قومهم من الثبات على الإسلام ونحو ذلك من الأمور والثالثة إعطاء قوم من المسلمين حديثي العهد بالكفر لئلا يرجعوا إلى الكفر وقد روى الثوري عن أبيه عن أبى نعيم عن أبى سعيد الخدري قال بعث على بن أبى طالب بذهبة في أديم مقروظ فقسمها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بين زيد الخير والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة فغضبت قريش والأنصار وقالوا يعطى صناديد أهل نجد قال إنما أتألفهم وروى بن أبى ذئب عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إنى لأعطى الرجل العطاء وغيره أحب إلى منه وما أفعل ذلك إلا مخافة أن يكبه الله في نار جهنم على وجهه وروى عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال أخبرنى أنس بن مالك أن ناسا من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله أموال هوازن وطفق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يعطى رجالا