أو سلاحا أو شيئا من آلات السفر لا يحتاج إليه في المصر فيمنع ذلك جواز إعطائه الصدقة إذا كان ذلك يساوى مائتي درهم وإن هو خرج للغزو فاحتاج إلى ذلك جاز أن يعطى من الصدقة وهو غنى في هذا الوجه فهذا معنى قوله صلّى الله عليه وآله وسلم الصدقة تحل للغازى الغنى قوله تعالى (وابن السبيل) هو المسافر المنقطع به يأخذ من الصدقة وإن كان له مال في بلده وكذلك روى عن مجاهد وقتادة وأبى جعفر وقال بعض المتأخرين هو من يعزم على السفر وليس له ما يحتمل به وهذا خطأ لأن السبيل هو الطريق فمن لم يحصل في الطريق لا يكون ابن السبيل ولا يصير كذلك بالعزيمة كما لا يكون مسافر بالعزيمة وقال تعالى (ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا) قال ابن عباس هو المسافر لا يجد الماء فيتيمم فكذلك ابن السبيل هو المسافر وجميع من يأخذ الصدقة من هذه الأصناف فإنما يأخذ صدقة بالفقر والمؤلفة قلوبهم والعاملون عليها لا يأخذونها صدقة وإنما تحصل الصدقة في يد الإمام للفقراء ثم يعطى الإمام المؤلفة منها لدفع أذيتهم عن الفقراء وسائر المسلمين ويعطيها العاملين عوضا من أعمالهم لا على أنها صدقة عليهم وإنما قلنا ذلك لقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم فبين أن الصدقة مصروفة إلى الفقراء فدل ذلك على أن أحدا لا يأخذها صدقة إلا بالفقر وإن الأصناف المذكورين إنما ذكروا بيانا لأسباب الفقر.
باب الفقير الذي يجوز أن يعطى من الصدقة
قال أبو بكر رحمه الله اختلف أهل العلم في المقدار الذي إذا ملكه الرجل دخل به في حد الغنى وخرج به من حد الفقير وحرمت عليه الصدقة فقال قوم إذا كان عند أهله ما يغديهم ويعشيهم حرمت عليه الصدقة بذلك ومن كان عنده دون ذلك حلت له الصدقة واحتجوا بما رواه عبد الرحمن عن يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة بن يزيد عن أبى كبشة السلولي قال حدثني سهيل بن الحنظلة قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول من سأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم قلت يا رسول ما ظهر غنى قال أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم ويعشيهم وقال آخرون حتى يملك أربعين درهما أو عدلهما من الذهب واحتجوا لما روى مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بنى أسد قال أتيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فسمعته يقول لرجل من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل