الاكتساب ومنها حديث عروة بن الزبير عن عبيد الله بن عدى بن الخيار أن رجلين من العرب حدثاه أنهما أتيا النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فسألاه من الصدقة فصعد فيهما البصر وصوبه فرآهما جلدين فقال إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب فلما قال لهما إن شئتما أعطيتكما ولو كان محرما ما أعطاهما مع ما ظهر له من جلدهما وقوتهما وأخبر مع ذلك أنه لاحظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب فدل على أنه أراد بذلك كراهة المسألة ومحبة النزاهة لمن كان معه ما يغنيه أو قدر على الكسب فيستغنى به عنها* وقد يطلق مثل هذا على وجه التغليظ لا على وجه تحقيق المعنى كما قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ليس بمؤمن من يبيت شبعانا وجاره جائع وقال لا دين لمن لا أمانة له وقال ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ولم يرد به نفى المسكنة عنه رأسا حتى تحرم عليه الصدقة وإنما أراد ليس حكمه كحكم الذي لا يسئل وكذلك قوله ولا حق فيها لغنى ولا لقوى مكتسب على معنى أنه ليس حقه فيها كحق الزمن العاجز عن الكسب ويدل عليه قوله صلّى الله عليه وآله وسلم أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم فعم سائر الفقراء الزمنى منهم والأصحاء وأيضا قد كانت الصدقات والزكاة تحل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فيعطيها فقراء الصحابة من المهاجرين والأنصار وأهل الصفة وكانوا أقوياء مكتسبين ولم يكن يخص بها الزمنى دون الأصحاء وعلى هذا أمر الناس من لدن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا يخرجون صدقاتهم إلى الفقراء والأقوياء والضعفاء منهم لا يعتبرون منها ذوى العاهات والزمانة دون الأقوياء الأصحاء ولو كانت الصدقة محرمة وغير جائزة على الأقوياء المكتسبين الفروض منها أو النوافل لكان من النبي صلّى الله عليه وآله وسلم توقيف للكافة عليه لعموم الحاجة إليه فلما لم يكن من النبي صلّى الله عليه وآله وسلم توقيف للكافة على حظر دفع الزكاة إلى الأقوياء من الفقراء والمكتسبين من أهل الحاجة لأنه لو كان منه توقيف للكافة لورد النقل به مستفيضا دل ذلك على جواز إعطائها الأقوياء المتكسبين من الفقراء كجواز إعطائها الزمنى والعاجزين عن الاكتساب.
باب ذوى القربى الذين تحرم عليهم الصدقة
قال أصحابنا من تحرم عليهم الصدقة منهم آل عباس وآل على وآل جعفر وآل عقيل وولد حارث بن عبد المطلب جميعا وحكى الطحاوي عنهم وولد عبد المطلب ولم أجد ذلك عنهم رواية والذي تحرم عليهم من ذلك الصدقات المفروضة وأما التطوع فلا بأس