صلى الله عليه وآله وسلم واسطة ملك آخر وليس بين ملك المأخوذ منه وبين ملك العامل واسطة لأنها لا تحصل في ملك الفقراء حتى يأخذها العامل.
باب من لا يجوز أن يعطى من الزكاة من الفقراء
قال الله تعالى (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) فاقتضى ظاهره جواز إعطائها لمن شمله الاسم منهم قريبا كان أو بعيدا لو لا قيام الدلالة على منع إعطاء بعض الأقرباء وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال أصحابنا جميعا لا يعطى منها والد وإن علا ولا ولدا وإن سفل ولا امرأة وقال مالك والثوري والحسن بن صالح لا يعطى من تلزمه نفقته وقال ابن شبرمة لا يعطى من الزكاة قرابته الذين يرثونه وإنما يعطى من لا يرثه وليس في عياله وقال الأوزاعى لا يتخطى بزكاة ماله فقراء أقاربه إذا لم يكونوا من عياله ويتصدق على مواليه من غير زكاة ماله وقال الليث لا يعطى الصدقة الواجبة من يعول وقال المزني عن الشافعى في مختصره ويعطى الرجل من الزكاة من لا تلزمه نفقته من قرابته وهم من عدا الولد والوالد والزوجة إذا كانوا أهل حاجة فهم أحق بها من غيرهم وإن كان ينفق عليهم تطوعا قال أبو بكر فحصل من اتفاقهم أن الولد والوالد والزوجة لا يعطون من الزكاة ويدل عليه أيضا قوله صلّى الله عليه وآله وسلم أنت ومالك لأبيك وقال إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه فإذا كان مال الرجل مضافا إلى أبيه وموصوفا بأنه من كسبه فهو متى أعطى ابنه فكأنه باق في ملكه لأن ملك ابنه منسوب إليه فلم تحصل صدقة صحيحة وإذا صح ذلك في الإبن فالأب مثله إذ كل واحد منهما منسوب إلى الآخر من طريق الولادة وأيضا قد ثبت عندنا بطلان شهادة كل واحد منهما لصاحبه فلما جعل كل واحد منهما فيما يحصله بشهادته لصاحبه كأنه يحصله لنفسه وجب أن يكون إعطاؤه إياه الزكاة كتبقيته في ملكه وقد أخذ عليه في الزكاة إخراجها إلى ملك الفقير إخراجا صحيحا ومتى أخرجها إلى من لا تجوز له شهادته فلم ينقطع حقه عنه وهو بمنزلة ما هو باق في ملكه فلذلك لم يجزه ولهذه العلة لم يجز أن يعطى زوجته منها وأما اعتبار النفقة فلا معنى له لأن النفقة حق يلزمه وليست بآكد من الديون التي ثبتت لبعضهم على بعض فلا يمنع ثبوتها من جواز دفع الزكاة إليه وعموم الآية يقتضى جواز دفعها إليه باسم الفقر ولم تقم الدلالة على تخصيصه فلم يجز إخراجها لأجل النفقة من عمومها وأيضا قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم خير الصدقة