(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة) قال قتادة يجعلهم مسلمين وذلك بالإلجاء إلى الإيمان وإنما يكون الإلجاء بالمنع لأنهم لو راموا خلافه منعوا منه مع الاضطرار إلى حسنه وعظم المنفعة به قوله تعالى (ولا يزالون مختلفين) قال مجاهد وعطاء وقتادة والأعمش أى مختلفين في الأديان يهودي ونصراني ومجوسي ونحو ذلك من اختلاف المذاهب الفاسدة وروى عن الحسن في الأرزاق والأحوال من تسخير بعضهم لبعض قوله تعالى (إلا من رحم ربك) إنما هو استثناء من المختلفين بالباطل بالإطلاق في الإيمان المؤدى إلى الثواب فإنه ناج من الاختلاف بالباطل قوله تعالى (ولذلك خلقهم) روى عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك خلقهم للرحمة وروى عن ابن عباس أيضا والحسن وعطاء خلقهم على علم منه باختلافهم وهي لام العاقبة قالوا وقد تكون اللام بمعنى على كقولك أكرمتك على برك ولبرك بي آخر سورة هود عليه السلام.
سورة يوسف
(بسم الله الرحمن الرحيم)
قوله عز وجل (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين) فيه بيان صحة الرؤيا من غير الأنبياء لأن يوسف عليه السلام لم يكن نبيا في ذلك الوقت بل كان صغيرا وكان تأويل الكواكب أخوته والشمس والقمر أبويه وروى ذلك عن الحسن قوله تعالى (لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا) علم إنه إن قصها عليهم حسدوه وطلبوا كيده وهو أصل في جواز ترك إظهار النعمة وكتمانه عند من يخشى حسده وكيده وإن كان الله قد أمر بإظهاره بقوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) قوله تعالى (ويعلمك من تأويل الأحاديث) فإن التأويل ما يؤول إليه بمعنى ويرجع إليه وتأويل الشيء هو مرجعه وقال مجاهد وقتادة تأويل الأحاديث عبارة الرؤيا وقيل تأويل الأحاديث في آيات الله ودلائله على توحيده وغير ذلك من أمور دينه قوله تعالى (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا) الآية تفاوضوا فيما بينهم وأظهروا الحسد الذي كانوا يضمرونه لقرب منزلته عند أبيهم دونهم وقالوا (إن أبانا لفى ضلال مبين) يعنون عن صواب الرأى لأنه كان أصغر منهم وكان عندهم أن الأكبر أولى بتقديم المنزلة من الأصغر ومع ذلك فإن الجماعة من البنين أولى بالمحبة