في الصحراء فهؤلاء يمكنهم أخذ أموال السابلة قبل أن يلحقهم الغوث فباينوا بذلك المختلس ومن ليس له امتناع في أحكامهم ولو وجب أن يستوي حكم المصر وغيره لوجب استواء حكم الرجل الواحد والجماعة ومعلوم أن الرجل الواحد لا يكون محاربا في المصر لعدم الامتناع منه فكذلك ينبغي أن يكون حكم الجماعة في المصر لفقد الامتناع منهم على أهل المصر وأما إذا كانوا في الصحراء فهم ممتنعون غير مقدور عليهم إلا بالسلب والقتال فلذلك اختلف حكمهم وحكم من في المصر فإن قال قائل إن كان الاعتبار بما ذكرت فواجب أن يكون العشرة من اللصوص إذا اعترضوا قافلة فيها ألف رجل غير محاربين إذ قد يمكنهم الامتناع عليهم قيل له صاروا محاربين بالامتناع والخروج سواء قصدوا القافلة أو لم يقصدوها فلا يزول عنهم هذا الحكم بعد ذلك بكون القافلة ممتنعة منهم كما لا يزول بكون أهل الأمصار ممتنعين منهم وأجرى أبو يوسف على اللصوص في المصر حكم المحاربين لامتناعهم والخروج على وجه المحاربة لأخذ المال فلا يختلف حكمهم بالمصر وغيره كما أن سائر ما يوجب الحد من الزنا والسرقة والقذف والقتل لا يختلف أحكام فاعليها بالمصر وغيره.
(فصل) واعتبر أصحابنا في إيجاب قطع المحارب مقدار المال المأخوذ بأن يصيب كل واحد منهم عشرة دراهم واعتبر الشافعى ربع دينار كما اعتبره في قطع السارق ولم يعتبره مالك لأنه يرى إجراء الحكم عليها بالخروج قبل أخذ المال.
(فصل) وقال أصحابنا إذا كان الذي ولى القتل وأخذ المال بعضهم كان حكم جميعهم حكم المحاربين يجرى الحكم عليهم وذلك لأن حكم المحاربة والمنعة لم يحصل إلا باجتماعهم جميعا فلما كان السبب الذي تعلق به حكم المحاربة وهو المنعة حصل باجتماعهم جميعا وجب أن لا يختلف حكم من ولى القتل منهم ومن كان عونا أو ظهيرا والدليل عليه أن الجيش إذا غنموا من أهل الحرب لم يختلف فيه حكم من ولى القتال منهم ومن كان منهم ردأ وظهيرا ولذلك لم يختلف حكم من قتل بعصا أو بسيف إذ كان من لم يل القتال يجرى عليه الحكم.
باب قطع السارق
قال الله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) روى سفيان عن جابر عن