صورته ) وهذا التدرّج في الكشف عن دلالة اللفظ الأوّل ( روحاً ) في التتابع ( ظلّاً ) يمنحنا مفتاحاً في تعامل الشاعر مع الألفاظ لنراه يدور حول الألفاظ التي يعتني بها مثل لفظة ( روح ) التي سيقول عنها في البيت الرابع بعد نفس الفعل ( رأيت ) :
رأيت شيئاً وما أدركتُ صورته |
|
وحسب روحي أن تفنى على قدرِ |
ليكمل دورة اختياره بنفس اللفظة ( وحسب روحي ) ممّا يدعم فرضية اهتمامه بالمفردات على المستوى الدلالي.
لكنّنا نكتشف جانباً آخر من هذا الاهتمام اللّغوي بالمفردات لدى الشاعر على المستوى الصوتي ، هذا الاهتمام الذي يختفي بشكل أعمق وأبعد من الظهور ، ممّا يقرّبه لحالة الاستخدام اللاشعوري ويبعده عن القصدية والتعمّد وهذا الجانب له بُعد غائر وعميق لعلّنا نفرد له بحثاً خاصاً عندما نجده عند غيره من الشعراء. وسنطلق على هذا الجانب من المستوى الصوتي تسمية مؤقتة هي ( رنين الرّوي ).
إنّ القافية في الشعر تعتمد على تكرار حرف أو عدّة حروف في نهايات الأشطر أو الأبيات ، وفي الشعر العمودي تأخذ شكل بناء شاقولي من الخارج ، وهي رغم اعتمادها على جرس حرف الرُّويّ وما قبله وما بعده فهي كذلك تسور القصيدة العمودية بسور إيقاعي ضاغط بحيث يجتهد الشاعر بالإتيان بها سلسلة محقّقة للمتطلبات الشعرية الاُخرى ، وتظل تشاغله في عملية الكتابة فكأنّها تضغط برنين روِّيها ـ لا شعورياً ـ على البيت الشعري بشكل استباق منذ بداية تشكّله ، ممّا يقتضي مراعاته والاهتمام بشروطه.
هذا الضغط يؤثّر على
الألفاظ المختارة في صدر البيت وعجزه بما يولّد استعداداً مسبقاً ينكشف على اللاشعور في عملية الكتابة ، فيبدأ بالمناوشة