الاستاذ معروف عبد المجيد :
قصيدة معروف عبد المجيد سياحة عريضة في أصقاع الوقائع ، وانتقالة واسعة الخطى في مساحات الحقائق ، وهذه السياحة أو الانتقالة لا يحلو لها الإقامة في مكان ولا يحلو لها التعشيش على غصن معيّن ، فهي سفر متواصل يعوّل على وحدات المعنى وسعة المضامين أكثر من اطمئنانه في الإخلاص للقول الشعري.
والشاعر بمقارباته النظمية لتفاصيل الحقائق ووثاقتها ، يحاول أن يردم فجوة عميقة قائمة بين الواقعة التاريخية ـ وهي البعد الغائر والمستتر من الوقائع ـ وبين عملية الإبداع الشعري.
وبسبب إخلاص الشاعر للجوانب والمستويات المعنوية والمضمونية والفكرية نرى في شعره مسحة منطقية مستحكمة ، فألفاظه مثلاً لا تنحرف كثيراً عن وظيفتها لتسلك مسالك الإيحاء أو الإيماء أو الترميز ، فهي مهتمة بنقل الحقيقة المنطقية عبر نظام توصيل يصوغ التعبيرات صياغة إخبارية ، فلو نظرنا إلى مقاطع القصيدة لرأينا أنّ كلّ مقطع قائم على وحدات منطقية منظّمة تنظيماً يتجاوز الجمال لصالح الحقيقة ، ففي كل مقطع وحدة مضمونية مسؤولة عن نقل التعبير إلى المتلقّي بحبكة منطقية محكمة ، أو هناك سرد محبوك بدراية منطقية واضحة. فمعروف عبد المجيد يهتمّ بنقل التعبير ليوصله للمتلقّي عبر أدوات لا تؤكّد هويتها الشعرية ، ويكفي أنّه ينقل التعبير ولا يعبّر ، وبالنتيجة فهو ميّال إلى البرهنة على قضاياه بالأدوات الشعرية وهذه الطريقة أو الاُسلوب ـ أي استخدام الشعر لتنفيذ وظائف اُخرى ربّما يقتل الشاعرية أو يخنق ما هو شعري في تجربة معروف عبد المجيد المعرفية الواسعة.
إنّ معالجة الشاعر
لقصيدته لا تكتفي بوجودها أو حضورها المتطلّع إلى