الدهر يرنو إليه من كثب ، ويستشفُّ أمره على أمَمٍ (١) ، ولعلّ الواقف على كتابنا هذا من البدء إلى الغاية يجد فيه نماذج ممّا قلناه.
إذاً فهلمَّ معي وأعجب من الدكتور ملحم إبراهيم الأسود شارح ديوان شاعرنا المترجم حيث يقول عند قوله :
ويوم الغدير استوضح الحقَّ أهلُهُ |
|
بضحياء لا فيها حجابٌ ولا سترُ |
يوم الغدير واقعة حرب معروفة. وذكر بعده في قوله :
يمدُّ بضبعيه ويعلم أنّه |
|
وليٌّ ومولاكمْ فهل لكُمُ خُبْرُ |
ما يكشف عن أنّها كانت من المغازي النبويّة ، قال (ص ٣٨١) : يمدُّ بضبعيه يساعده وينصره ، والهاء راجعة إلى الإمام عليّ ، أي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصره ويعلم أنّه وليّ ، كان العَضُد والمساعد الوحيد للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغدير ، والرسول نفسه كان ينصره عالماً أنّه سيكون وليّا على شعبه بعده وخليفةً له ، وهذه هي الحقيقة ، فهل تعلمون؟ انتهى.
ألا مسائل هذا الرجل عن مصدر هذه الفتوى المجرّدة؟ أهل وجد هاتيك الغزوة في شيء من السِيَر النبويّة؟ أو نصَّ عليها أحدٌ من أئمّة التاريخ؟ أم أنّ تلك الحرب الزبون (٢) وحدها قد توسّع بنقلها المتوسِّعون من نقلة الحديث؟. دع ذلك كلّه ، هل وجد قصّاصاً يقصّها؟ أو شاعراً يصوِّرها بخياله؟
ألا من يُسائله عن أنّ هذه الغزوة متى زيدت على الغزوات النبويّة المحدودة؟ المعلومة بكمِّها وكيفها ، المدوَّنة أطوارها وشؤونها ، وليس فيها غزوة يوم الغدير ، متى زيدت هذه على ذلك العدد الثابت بواحدة ، فكان فيها عليٌّ والنبيُّ يتناصران ، ويعضُد
__________________
(١) الامم : القرب.
(٢) حرب زبون : اى شديدة تصدم الناس.