صدرا في مرض وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في الصحيحين (١) ، ولا أقول بما قال ابن أبي الحديد في شرحه (٢) (٣ / ١٧) من أنَّه موضوع وضعته البكريّة في مقابلة حديث الإخاء.
وأنا لا أبسط القول في مفاده بما يستفاد من كلام ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (٣) (ص ٥١) من أنَّ الأخوّة هناك منزّلة بالأخوّة الإسلاميّة العامّة الثابتة بقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (٤) نظير ما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله لعمر : يا أخي (٥) ، ولزيد : أنت أخونا (٦) ، ولأسامة : يا أخي (٧). وإنَّما يفسّر تلك الأخوّة لفظ البخاري (٨) ، ومسلم (٩)) ، والترمذي (١٠) : «لو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته». كما أنَّ الخلّة المنتفية فيه هي الخلّة بالمعنى الخاصّ ، لا الخلّة العامّة الثابتة بقوله تعالى : (الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (١١).
فلم تكن هي تلك الأخوّة بالمعنى الخاص التي تمّت يومي المؤاخاة (١٢) بوحي من الله العزيز ، وكانت على أساس الم شاكلة والمماثلة بين كلّ اثنين في الدرجات النفسيّة ، كما ستسمعه عن غير واحد من الأعلام ، ووقعت المؤاخاة فيهما بين أبي بكر
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ١٦١٢ ح ٤١٦٨ و ٤١٦٩ ، صحيح مسلم : ٣ / ٤٥٥ ح ٢٢ كتاب الوصيّة.
(٢) شرح نهج البلاغة : ١١ / ٤٩ خطبة ٢٠٣.
(٣) تأويل مختلف الحديث : ص ٦٣.
(٤) الحجرات : ١٠.
(٥) الرياض النضرة : ٢ / ٦ [٢ / ٢٧٢]. (المؤلف)
(٦) خصائص النسائي : ص ١٩ [ص ٢٠٥ ح ١٩٤ ، وفي السنن الكبرى : ٥ / ١٦٩ ح ٨٥٧٩]. (المؤلف)
(٧) تاريخ ابن عساكر : ٦ / ٩ [٦ / ٦٢٣ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٩ / ١٣٩]. (المؤلف)
(٨) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٣٨ ح ٣٤٥٧.
(٩) صحيح مسلم : ٥ / ٨ ح ٣ كتاب فضائل الصحابة.
(١٠) سنن الترمذي : ٥ / ٥٦٩ ح ٣٦٦١.
(١١) الزخرف : ٦٧.
(١٢) وقعت المؤاخاة مرّتين : إحداهما قبل الهجرة ، وأخرى بعدها بخمسة أشهر كما يأتي. (المؤلف)