بوضعه (١) أو وضع بعض ما فيه على لسان أمير المؤمنين عليهالسلام ، والدعوى المجرّدة ببطلان أكثر ما فيه وعزو ذلك إلى سيّدنا الشريف الرضي (٢) الذي عرفت موقفه العظيم من الثقة والعلم والجلالة ، أو الترديد فيمن وضعه وجمعه بينهما (٣) ممّا لا يُقام له في سوق الحقائق وزن ، وليس له مناخٌ إلاّ حيث تربض فيه العصبيّة العمياء ، ويكشف عن جهل أولئك المؤلّفين برجال الشيعة وتآليفهم ، وأعجب ما رأيت كلمة الذهبي في طبقاته (٤) (٣ / ٢٨٩) : وفيها ـ يعني سنة (٤٣٦) ـ توفّي شيخ الحنفيّة العلاّمة الم حدِّث أبو عبد الله الحسين بن موسى الحسيني الشريف الرضي (٥) ، واضع كتاب نهج البلاغة.
قال ابن أبي الحديد (٦) (٢ / ٥٤٦) بعد ذكر خطبة ابن أبي الشحماء العسقلاني الكاتب : هذه أحسن خطبة خطبها هذا الكاتب ، وهي كما تراها ظاهرة التكلّف بيِّنة التوليد ، تخطب على نفسها ، وإنّما ذكرت هذا لأنّ كثيراً من أرباب الهوى يقولون : إنّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة ، وربما عزوا بعضه إلى الرضيّ أبي الحسن وغيره ، وهؤلاء قوم أعمت العصبيّة أعينهم ، فضلّوا عن النهج الواض ح ، وركبوا بيِّنات الطريق ضلالاً ، وقلّة معرفة بأساليب الكلام ، وأنا أوضّح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول : لا يخلو إمّا أن يكون كلّ نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً أو بعضه.
__________________
(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٢٢٣ [٣ / ١٢٤ رقم ٥٨٢٧] ، ودائرة المعارف للبستاني : ١٠ / ٤٥٩ ، وتاريخ آداب اللغة : ٢ / ٢٨٨ [مؤلّفات جرجي زيدان الكاملة : مج ١٤ / ١٣٨]. (المؤلف)
(٢) كما في ميزان الاعتدال [٣ / ١٢٤ رقم ٥٨٢٧] ، ولسان الميزان : ٤ / ٢٢٣ [٤ / ٢٥٦ رقم ٥٧٩٧]. (المؤلف)
(٣) تاريخ ابن خلّكان : ١ / ٣٦٥ [٣ / ٣١٣ رقم ٤٤٣] ، مرآة الجنان لليافعي : ٣ / ٥٥. (المؤلف)
(٤) تذكرة الحفّاظ : ٣ / ١١٠٩ رقم ٩٩٨.
(٥) في المصدر : المرتضى.
(٦) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ١٢٧ خطبة ١٨٤.