فأشبهها لم تغدُ مِسكاً لناشقٍ |
|
كما عوّدَتْ ولا رحيقاً لراشفِ |
قصيّةُ دارٍ قرّبَ النومُ شخصَها |
|
وما نعةٌ أهدت سلامَ مساعفِ |
ألينُ وتُغري بالإباءِ كأنّما |
|
تبرُّ بهجراني أليّةَ حالفِ |
وبالغور للناسينَ عهديَ منزلٌ |
|
حنانَيْكَ من شاتٍ لديه وصائفِ |
أغالطُ فيهِ سائلاً لا جهالةً |
|
فأسألُ عنه وهو بادي المعارفِ |
ويعذلُني في الدارِ صحبي كأنّني |
|
على عرصاتِ الحبِّ أوّلُ واقفِ |
خليليَّ إن حالت ـ ولم أرضَ ـ بيننا |
|
طِوالُ الفيافي أو عِراضُ التنائفِ (١) |
فلا زُرَّ ذاك السجفُ إلاّ لكاشفٍ |
|
ولا تمَّ ذاك البدرُ إلاّ لكاسفِ |
فإن خِفتما شوقي فقد تأمنانِهِ |
|
بخاتلةٍ بين القنا والمخاوفِ |
بصفراءَ لو حلّتْ قديماً لشاربٍ |
|
لضنّت فما حلّتْ فتاة لقاطفِ |
يطوفُ بها من آلِ كسرى مقرطَقٌ |
|
يحدِّث عنها من ملوكِ الطوائفِ (٢) |
سقى الحُسْنُ حمراءَ السلافةِ خدَّهُ |
|
فأنبعَ نبتاً أخضراً في السوائفِ (٣) |
وأحلفُ أنّى شُعشِعَتْ لي بكفِّه |
|
سلوتُ سوى همٍّ لقلبي مُحالفِ |
عصيتُ على الأيّامِ أن ينتزعنَهُ |
|
بنهي عذولٍ أو خداعِ ملاطفِ |
جوىً كلّما استخفى ليخمدَ هاجَهُ |
|
سنا بارقٍ من أرضِ كوفانَ خاطفِ |
يذكِّرُني مثوى عليٍّ كأنّني |
|
سمعتُ بذاك الرزءِ صيحةَ هاتفِ |
ركبتُ القوافي ردفَ شوقي مطيّةً |
|
تَخبُّ بجاري دمعيَ المترادفِ |
إلى غايةٍ من مدحِهِ إن بلغتُها |
|
هزأتُ بأذيالِ الرياحِ العواصفِ |
وما أنا من تلكَ المفازةِ مدركٌ |
|
بنفسي ولو عرّضتُها للمتالفِ |
ولكن تؤدّي الشهدَ إصبعُ ذائقٍ |
|
وتعلَقُ ريحَ المسكِ راحةُ دائفِ (٤) |
__________________
(١) التنائف : جمع تنوفة ، وهي القفر من الأرض.
(٢) مقرطق : لابس القرطق ، وهو قباء ذو طاق واحد. (المؤلف)
(٣) يريد بالنبت ، العذار. السوائف ـ جمع سائفة ـ : هي القطعة من اللحم. (المؤلف)
(٤) الدائف : الخالط الذي يخلط المسك بغيره من الطيب. (المؤلف)