يا حبَّها رفقاً بقلبٍ طالما |
|
عرّفتَه ما ليس بالمعروفِ |
قد كان يرضى أن يكون محكّماً |
|
في لُبِّه لو كنتَ غيرَ عنيفِ |
أطرحتِ يا ظمياءُ ثقلَكِ كلَّه |
|
يومَ الوداعِ على فقارِ ضعيفِ |
يقتاده للحبِّ كلُّ مُحبّبٍ |
|
ويروعه بالبينِ كلُّ أليفِ |
وكأنّني لمّا رجعتُ عن النوى |
|
أبكي رجعتُ بناظرٍ مطروفِ |
وبزفرةٍ شهدَ العذولُ بأنّها |
|
من حاملٍ ثقلَ الهوى ملهوفِ |
ومتى جحدتُهمُ الغرامَ تصنّعاً |
|
ظهروا عليهِ بدمعيَ المذروفِ |
وعلى مِنىً غُرَرٌ رمين نفوسَنا |
|
قبل الجِمار من الهوى بحتوفِ |
يسحبن أذيالَ الشفوفِ غوانياً |
|
بالحُسن عن حَسَنٍ بكلِّ شُفوفِ |
وعدلن عن لبسِ الشنوفِ وإنّما |
|
هنّ الشنوفُ محاسناً لشنوفِ (١) |
وتعجّبتْ للشيب وهي جنايةٌ |
|
لدلال غانيةٍ وصدّ صدوفِ |
وأناطتِ الحسناءُ بي تبعاتِهِ |
|
فكأنّما تفويفه تفويفي (٢) |
هو منزلٌ بُدِّلتُهُ من غيرِهِ |
|
وهو الغنى في المنزل المألوفِ |
لا تُنكرِيه فهو أبعدُ لُبْسةً |
|
عن قذف قاذفةٍ وقَرفِ قَروفِ (٣) |
وبعيدة الأقطارِ طامسة الصوى |
|
من طولِ تطوافِ الرياحِ الهوفِ |
لا صوتَ فيها للأنيسِ وإنّما |
|
لعصائبِ الجِنّان جرسُ عزيفِ |
وكأنّما حُزُقُ النعام بدوّها |
|
ذودٌ شردن لزاجرٍ هنّيفِ (٤) |
قَطَعَتْ ركابي وهي غيرُ طلائحٍ |
|
مع طولِ إيضاعي وفرطِ وجيفي |
أبغي الذي كلُّ الورى عن بغيِهِ |
|
من بين مصدودٍ ومن مصدوفِ |
__________________
(١) الشنوف : كالأقراط إلاّ أنّها تعلّق في أعلى الأذن.
(٢) التفويف في الثوب : الخطوط البيضاء فيه.
(٣) اللبسة : الشبهة. القرْف : ذكر الشخص بسوء.
(٤) الحُزُق ـ جمع الحزيقة ـ : الجماعة. الدوّ : المفازة. الهنّيف : المعنف في السير ، مأخوذة من التهنيف وهو الإسراع.