اشتدّ بينهما الصراع ، وكثرت المناظرات ، فكان روّاد علوم الأدب يقبلون عليهما معا ، ثمّ يتخيرون من هذا وذاك ما يراه كل مناسبا لغرضه وتفكيره.
وهكذا قامت المدرسة البغداديّة على مبدأ الانتخاب من مزايا كلّ من المدرستين السالفتين ، وبإطلالة القرن الرابع الهجريّ برزت المدرسة البغدادية متميزة بمنهجها الخاص بها لكن لا في وضع الاصول والقواعد ـ لأنّ هذه قد اخذت شكلها النهائيّ في المدرستين السالفتين ـ وإنّما في البحث حول الفروع وتشعيبها ، وفتق العلل وتشقيقها.
٤ ـ المدرسة الأندلسيّة :
تأثر الأندلسيّون بتعاليم الإسلام تأثرا كبيرا ، فلم تمض الافترة وجيزة على دخول الإسلام بلادهم حتى برزت فيهم شخصيات علميّة مرموقة لمع نجمها في سماء العلوم العربيّة ، منها : ابن عصفور ، وابو بكر محمد الزبيدي ، وابن السيّد البطليوسي ، وابن الطراوة ، وابن مضاء القرطبي ، وابن حروف ، وابن حشام الخضراوي ، وابن مالك ـ صاحب الألفيّة ـ وغيرهم.
وقد اعتمد الاندلسيون منهج الاختيار والتعديل فكانوا يختارون من المدارس الشرقية الثلاثة : (البصرة ، الكوفه ، بغداد) وكانوا يجرون عليها كثيرا من التعديلات ، كما كانوا يضيفون عليها ما توصلوا اليه من آراء (١).
__________________
(١) انظر موسوعة النحو والصرف والاعراب د ـ اميل بديع يعقوب ط ـ دار العلم للملايين ـ بيروت.