الفصل الثاني ـ فيمن يجب جهادهم
وهم ثلاثة أصناف :
الأول : اليهود والنصارى والمجوس ، وهؤلاء يقتلون الى أن يسلموا أو يلتزموا شرائط الذمة ، وهي : قبول الجزية ، وأن لا يؤذوا المسلمين ، وأن لا يتظاهروا بالمحرمات كشرب الخمر ، وأن لا يحدثوا كنيسة ولا يضربوا ناقوسا ، وأن يجرى عليهم أحكام المسلمين.
فان التزموا بهذه كف عنهم ، ولأحد للجزية بل بحسب ما يراه الامام ، ولا تؤخذ من الصبيان ، والمجانين والبله والنساء ، ويجوز وضعها على رؤوسهم وأراضيهم ، ولو أسلموا سقطت ، ولو مات الذميّ بعد الحول أخذت من تركته ويجوز أخذها من ثمن المحرمات.
ومستحقها المجاهدون. وليس لهم استيناف بيعة ولا كنيسة في دار الإسلام ، ويجوز تجديدهما ، ولا يجوز أن يعلو الذمي على بناء المسلمين ، ويقر ما ابتاعه من مسلم على حاله ، ولا يجوز أن يدخلوا المساجد.
الثاني : من عدا هؤلاء من الكفار يجب جهاده ولا يقبل منه الا الإسلام ، ويبدأ بقتال الأقرب والأشد خطرا. وانما يحاربون بعد الدعاء من الامام أو من نصبه إلى الإسلام فإن امتنعوا أحل قتالهم ، ويجوز المهادنة مع المصلحة بإذن الامام ، ويمضي ذمام آحاد المسلمين ـ وان كان عبدا ـ لآحاد المشركين ، ويرد من دخل بشبهة الأمان إلى مأمنه ثم يقاتل ، ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف من المسلمين الا لمتحرف لقتال أو متحيز الى فئة ، ويجوز المحاربة بسائر أنواع الحرب إلا إلقاء السم في بلادهم. ولو تترسوا بالصغار والنساء أو المسلمين ولم يمكن الفتح الا بقتلهم جاز ، ولا يقتل النساء ـ وان عاون ـ الا مع الضرورة. ومن أسلم في دار الحرب حقن دمه وولده الصغار من السبي وماله من الأخذ مما ينقل ويحول ، وأما الأرضون فمن الغنائم. ولو أسلم العبد قبل مولاه وخرج ملك نفسه.
الثالث : البغاة ، وهم كل من خرج على امام عادل (١) ، ويجب قتاله مع دعاء الإمام أو من نصبه ، على الكفاية ، الا أن يرجعوا ، وهم قسمان : من له فئة ، فيجهز على جريحهم ويتبع مدبرهم ويقتل أسيرهم. ومن لا فئة له ، فلا يجهز على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ، ولا يحل سبي ذراري الفريقين ولا نسائهم ولا أموالهم.
__________________
(١) أي معصوم.