يظهر من هذه الموارد وتكرّر القصّة فيها أنّ الخليفة لم يستند في صلواته هاتيك إلى أصل مسلّم ، فمرّةً لم يقرأ في الركعة الأُولى فيقضيها في الثانية ويسجد سجدتي السهو قبل السلام أو بعده ، وأخرى اكتفى بحسن الركوع والسجود عن الإعادة وسجدتي السهو ، وطوراً نراه يحتاط بالإعادة أو أنّه يرى ما أتى به باطلاً فيعيد ويعيدون فهل هذه اجتهادات وقتيّة؟ أو أنّه لم يعرف للمسألة ملاكاً يرجع إليه؟ والعجب من ابن حجر أنّه يعدّ الشذوذ عن الطريق المثلى مذهباً ، ويسع كلّ شاذّ أن يتترّس بمثل هذا المذهب فيستر عواره ، وفي هذه الأحاديث إعراب عن مبلغ خضوع الخليفة وخشوعه في صلواته.
ـ ١٤ ـ
رأي الخليفة في الميراث
عن مسعود الثقفي قال : شهدت عمر بن الخطاب رضى الله عنه أشرك الإخوة من الأب والأُمّ مع الإخوة من الأُمّ في الثلث ، فقال له رجل : قضيت في هذا عام أوّل بغير هذا. قال : كيف قضيت؟
قال : جعلته للإخوة من الأُمّ ولم تجعل للإخوة من الأب والأُمّ شيئاً.
قال : تلك على ما قضينا وهذا على ما قضينا. وفي لفظ : تلك على ما قضينا يومئذٍ ، وهذه على ما قضينا اليوم.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦ / ٢٥٥) ، بعدّة طرق ، والدارمي في سننه (١ / ١٥٤) مختصراً ، وأبو عمر في العلم (١) (ص ١٣٩).
قال الأميني : كأنّ أحكام القضايا تدور مدار ما صدر عن رأي الخليفة سواء أصاب الشريعة أم أخطأ ، وكأنّ الخليفة له أن يحكم بما شاء وأراد ، وليس هناك
__________________
(١) جامع بيان العلم : ص ٢٩٤ ح ١٥٠٥.