مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (١) ، وتراه يتّبع أبا بكر وهو يعلم أنّه شاكلته وقد سمع منه قوله : إني سأقول فيها برأيي فإن يك صواباً فمن الله وإن يك خطأً فمنّي ومن الشيطان (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٢).
وقد رأى ابن حجر كثرة الخلاف في الكلالة بأنّها : من ليس له الوالد والولد ، إنّها من سوى الوالد ، من سوى الوالد وولد الولد. من سوى الولد ، الكلالة الإخوة ، الكلالة هي المال. وقيل : الفريضة. وقيل : بنو العمّ ونحوهم وقيل : العصبات وإن بعدوا.
ثمّ قال : ولكثرة الاختلاف فيها صحّ عن عمر أنّه قال : لم أقل في الكلالة شيئاً (٣). فكأنّه يراها عذراً للخليفة في ربيكته بالكلالة ، وأين هو من آية الكلالة؟ وكيف تخفى على أحد وهي بين يديه وفيها قوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) فكيف بيّنها الله ومثل الخليفة يقول : لم تبيّن لي؟ ومن أين أتى الخلاف وكثر وهي مبيّنة؟ وكيف يرى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم آية الصيف كافيةً في البيان لمن جهل الكلالة؟
على أنّ الخليفة هو إمام الأُمّة ومرجعها الوحيد في خلافها ، وبه القدوة والأُسوة في التخاصم والتنازع في الآراء والمعتقدات ، فلا عذر له في جهله بشيء منها على كلّ حال خالفت الأُمّة أم لم تخالف.
ـ ٣٠ ـ
رأي الخليفة في الأرنب
عن موسى بن طلحة : أنّ رجلاً سأل عمر عن الأرنب ، فقال عمر : لو لا أنّي أزيد في الحديث أو أنقص منه ، وسأرسل لك إلى رجل. فأرسل إلى عمّار فجاء ، فقال :
__________________
(١) الحاقة : ٤٤ ـ ٤٧.
(٢) النجم : ٢٨.
(٣) فتح الباري في شرح صحيح البخاري : ٨ / ٢١٥ [٨ / ٢٦٨]. (المؤلف)