كان ما لفتوا نظره إليه أخيراً فلما ذا همّ أن ينوء بالأوّل؟ وهل من المستطاع أن نقول : إنّ الحكم كان عازباً عن فكرة خليفة المسلمين في كلّ هذه الموارد؟ أو أنّ تلكم الأقضية كانت مجرّد رأي وتحكّم؟ أو هذه هي سيرة أعلم الأمّة؟
ـ ٣٧ ـ
رأي الخليفة في الأصابع
عن سعيد بن المسيّب : أنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه قضى في الأصابع : في الإبهام بثلاث عشرة ؛ وفي التي تليها باثنتي عشرة ، وفي الوسطى بعشر ، وفي التي تليها بتسع ، وفي الخنصر بستّ.
وفي لفظ آخر :
إنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه قضى في الإبهام بخمس عشرة ، وفي التي تليها بعشر ، وفي الوسطى بعشر ، وفي التي تلي الخنصر بتسع ، وفي الخنصر بستّ.
وعن أبي غطفان : أنّ ابن عبّاس كان يقول في الأصابع عشر عشر ، فأرسل مروان إليه فقال : أتُفتي في الأصابع عشر عشر وقد بلغك عن عمر رضى الله عنه في الأصابع؟ فقال ابن عبّاس : رحم الله عمر ، قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحقّ أن يتّبع من قول عمر رضياللهعنه (١)
قال الأميني : ثبت في الصحاح والمسانيد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : في الأصابع عشر عشر على ما أفتى به ابن عبّاس ، وهذه سنّته صلىاللهعليهوآلهوسلم المسلّمة وهديه الثابت فيها ، وما قضى به عمر فمن آرائه الخاصّة به ، والأمر كما قال ابن عبّاس : قول
__________________
(١) كتاب الأُمّ للشافعي : ١ / ٥٨ ، ١٣٤ [١ / ١٥١] ، واختلاف الحديث للشافعي أيضاً ـ هامش كتاب الأُمّ : ٧ / ١٤٠ [ص ٤٧٨] ، وكتاب الرسالة له : ص ١١٣ [ص ٤٢٢ ح ١١٦٠] ، سنن البيهقي : ٨ / ٩٣. (المؤلف)