ذلك الرأي المغيريّ ، ولم يكن بالذي يتّخذ المضلّين عضداً ، فبهض ذلك المغيرة فولّى عنه منشداً :
نصحت عليّا في ابن هندٍ نصيحةً |
|
فرُدّتْ فلم أُسمع لها الدهرَ ثانيه |
وقلت له : أوجز عليه بعهدِهِ |
|
وبالأمر حتى يستقرَّ معاويه |
وتعلمَ أهلُ الشامِ أن قد ملكتَهُ |
|
وأنّ اذنه صارت لأمرِك واعيه |
فتحكمُ فيه ما تريدُ فإنّه |
|
لداهيةٌ فارقْ به أيّ داهيه |
فلم يقبل النصح الذي قد نصحته |
|
وكانت له تلك النصيحةُ كافيه (١) |
وأجاب عنها العلاّمة الأوردبادي بقوله :
أتيتَ إمام المسلمين بغدرةٍ |
|
فلم تلفِ نفساً منه للغدرِ صاغيه |
وأسمعته إدّا من القول لم يُصِخْ |
|
له إذ رأى منه الخيانةَ باديه |
رغبتَ إليه في ابن هندٍ ولايةً |
|
أبى الدينُ إلاّ أن ترى عنه نائيه |
أيؤتمنُ الغاوي على إمرةِ الهدى |
|
تعاد على الدينِ المعرّة ثانيه |
ويرعى القطيعَ الذئبُ والذئبُ كاسرٌ |
|
ويأمن منه في الأويقةِ عاديه |
وهل سمعت أُذناك قل لي هنيهةً |
|
بزوبعةٍ هبّت فلم تعدُ سافيه |
وهل يأمنُ الأفعى السليمُ سويعةً |
|
ومن شدقِها قتّالةُ السمِّ جاريه |
فيومُ ابنِ هندٍ ليس إلاّ كدهرِه |
|
فصفقتُه كانت من الخيرِ خاليه |
ولَلشرُّ منه والمزنّمُ جروُه (٢) |
|
ووالده شيخ الفجور زبانيه |
متى كان للتقوى علوجُ أُميّةٍ |
|
وللغيّ منهم كلُّ باغٍ وباغيه |
__________________
(١) مروج الذهب : ٢ / ١٦ [٢ / ٣٧١] ، تاريخ الطبري : ٥ / ١٦٠ [٤ / ٤٤٠ حوادث سنة ٣٥ ه] ، تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٢٨ [٨ / ١٣٧ حوادث سنة ٦٠ ه] ، الاستيعاب : ١ / ٢٥١ [القسم الرابع / ١٤٤٧ رقم ٢٤٨٣] ، تاريخ أبي الفداء : ١ / ١٧٢. (المؤلف)
(٢) أي ابنه يزيد.