عمر : أراكم أيّها الناس رجعتم إلى العزّى ، ألا لا أُوتى منذ اليوم بأحدٍ عاد لمثلها إلاّ قتلته بالسيف كما يقتل المرتدّ. ثمّ أمر بها فقطعت.
ـ ٤٥ ـ
رأي الخليفة في آثار الأنبياء
عن معرور ، قال : خرجنا مع عمر بن الخطّاب رضياللهعنه في حجّة حجّها قال : فقرأ بنا في الفجر : ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل ولإيلاف قريش فلمّا انصرف فرأى الناس مسجداً فبادروه فقال : ما هذا؟ قالوا : هذا مسجد صلّى فيه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم ، اتّخذوا آثار أنبيائهم بِيَعاً ، من عرضت له صلاة فليصلّ ومن لم تعرض له صلاة فليمضِ (١).
قال الأميني : ليت شعري ما المانع من تعظيم آثار الأنبياء وفي مقدّمهم سيّد ولد آدم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا لم يكن خارجاً عن حدود التوحيد كالسجود إلى تماثيلهم واتّخاذها قبلة؟ (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (٢) ، ومتى هلكت الأُمم باتّخاذهم آثار أنبيائهم بِيَعاً؟ وأيّ مسجد تكون الصلاة فيه أزلف إلى الله سبحانه من مسجد صلّى فيه رسوله الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وأيّ مكان أشرف من مكان حلّ به النبيّ الأعظم وبويع فيه بيعة الرضوان وحظي المؤمنون فيه برضى الله عنهم؟ أولا يكسب ذلك كلّه المحلّ فضلاً يزيد في زلفة المتعبدين بفنائه؟ وما ذنب الشجرة المسكينة حتى اجتثت أُصولها؟ ولا من ثائرٍ لها أو مدافع عنها. أوليس ذلك توهيناً للمحلّ ولمشرّفه؟ أيسوّغ أدب الدين للخليفة قوله : أراكم أيّها الناس رجعتم إلى العزّى؟ والذين كانوا
__________________
(١) سيرة عمر لابن الجوزي : ص ١٠٧ [ص ١١٦] ، شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ١٢٢ [١٢ / ١٠١ خطبة ٢٢٣] وفيه بدل معرور : المغيرة بن سويد ، فتح الباري : ١ / ٤٥٠ [١ / ٥٦٩]. (المؤلف)
(٢) الحج : ٣٢.