يرون حرمة تلكم الآثار ويعظّمونها ويصلّون عندها إنّما هم حملة علم الدين من الصحابة العدول ، مراجع الخليفة في الأحكام والشرائع ، كان يعوّل عليهم حيثما أعيته المسائل قائلاً : كلّ الناس أفقه منك يا عمر.
هذه أسئلة جمّة عزب عن الخليفة العلم بالجواب عنها ، أو أنّها لم تدر في خلده ، أو أنّه متأوّل فيها جمعاء وأنت ترى ...
ومن الصحابة التي كانت تتبرّك بتلك الأماكن وتصلّي فيها عبد الله بن عمر ، قال موسى بن عقبة (١) : رأيت سالم بن عبد الله يتحرّى أماكن من الطريق فيصلّي فيها ويحدّث أنّ أباه كان يصلّي فيها ، وأنّه رأى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلّي في تلك الأمكنة. وعن نافع عن ابن عمر أنّه كان يصلّي في تلك الأمكنة.
فالراجع إلى الصحاح والسنن يجد كثيراً من لدة هذه يعلم بها أنّ رأي الخليفة إنّما يخصّ به ولا يُتّبع ولم يُتّبع ولن يُتّبع.
ـ ٤٦ ـ
الخليفة وقوم من أحبار اليهود
لمّا ولي أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضى الله عنه الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود فقالوا : يا عمر أنت وليّ الأمر بعد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وصاحبه ، وإنّا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أنّ الإسلام حقّ وأنّ محمداً كان نبيّا ، وإن لم تخبرنا به علمنا أنّ الإسلام باطل وأنّ محمداً لم يكن نبيّا ، فقال : سلوا عمّا بدا لكم ، قالوا : أخبرنا عن أقفال السموات ما هي؟ وأخبرنا عن مفاتيح السموات ما هي؟ وأخبرنا عن قبر سار بصاحبه ما هو؟ وأخبرنا عمّن أنذر قومه لا هو من الجنّ ولا هو من
__________________
(١) صحيح البخاري ، كتاب الصلاة باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلّى فيها النبي صلي الله عليه وآله وسلم [١ / ١٨٣ ح ٤٦٩]. (المؤلف)