رأسه ، والأبّ ذلك الذي أعيا الخليفة ورأى علمه تكلّفاً كما مرّ في الحديث السادس (ص ٩٩) ، وأنا لا أدري ما ذا قال الغلام؟ ولما ذا راق الخليفة قوله؟
ـ ٤٩ ـ
ضرب الخليفة بالدرّة لغير موجب
أخرج ابن عساكر عن عكرمة بن خالد قال : دخل ابن لعمر بن الخطّاب عليه وقد ترجّل ولبس ثياباً حساناً ، فضربه عمر بالدرّة حتى أبكاه ، فقالت له حفصة : لم ضربته؟ قال : رأيته قد أعجبته نفسه فأحببت أن أُصغّرها إليه (١).
قال الأميني : أنا لا أُناقش في عرفان الخليفة إعجاب نفس ابنه إيّاه وهو خلّة قائمة بالنفس ، ولا أُباحث في اجتهاده في تعزير الولد ، ولا أبحث عن إمكان ردع الولد عن عجبه ـ مهما سُلّم ـ بطرق معقولة غير التعزير والضرب بالدرّة ، بل أُسائل الحافظين كيف وسعهما عدّ مثل هذه القصّة من مناقب الخليفة ومن شواهد سيرته الحسنة؟
وألطف من هذه قصّة الجارود سيّد ربيعة وقد أخرجه ابن الجوزي ، قال : إنّ عمر كان قاعداً والدرّة معه والناس حوله ، إذ أقبل الجارود العامري ، فقال رجل : هذا سيّد ربيعة. فسمعها عمر ومن حوله وسمعها الجارود ، فلمّا دنا منه خفقه بالدرّة فقال : ما لي ولك يا أمير المؤمنين؟ قال : ما لي ولك لقد سمعتها. قال : وسمعتها ، فمه؟ قال : خشيت أن تخالط القوم ويقال : هذا أمير ـ وفي لفظ : خشيت أن يخالط قلبك منها شيء ـ فأحببت أن أطأطئ منك (٢).
وأخرج ابن سعد ، عن سعيد قال : دخل معاوية على عمر بن الخطّاب وعليه
__________________
(١) تاريخ الخلفاء : ص ٩٦ [ص ١٣٣]. (المؤلف)
(٢) سيرة عمر لابن الجوزي : ص ١٧٨ [ص ١٨٣] ، شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ١١٢ [١٢ / ٧٣ خطبة ٢٢٣] ، كنز العمّال : ٢ / ١٦٧ [٣ / ٨٠٩ ح ٨٨٣٠]. (المؤلف)